للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فطهارة الحي كطهارة الميت، فما طهر الميت طهر الحي (١). ومع هذا التغير فهو ماء طهور، ولم يطلق عليه ماء طاهر؛ فدل ذلك على أن الماء قسمان: طهور ونجس.

وعَنْ أُمِّ هَانِئٍ، قَالَتْ: اغْتَسَلَ النَّبِيُّ وَمَيْمُونَةُ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، قَصْعَةٍ فِيهَا أَثَرُ الْعَجِينِ (٢).

وجه الدلالة: أن الماء يختلط بالعجين وَتَطَهَّر به النبي ، وأطلق عليه ماء طهور، وليس بطاهر، فعُلم أن الماء ينقسم إلى قسمين: طهور ونجس.

وقد وردت أدلة كثيرة من القرآن والسنة تدل على الماء الطهور؛ منها قوله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾ [الفرقان: ٤٨]، وقول النبي في ماء البحر: «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ»، والإجماع ورد بالماء النجس، ولم ترد أدلة تدل على أن هناك قسمًا ثالثًا، وهو الماء الطاهر، والحاجة إلى بيانه مما يُحتاج إليه، فدل ذلك على أن الماء قسمان، وما كان ربك نسيًّا.

* * *


(١) قال شيخ الإسلام «مجموع الفتاوى» (٢١/ ٢٦): ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ أَمَرَ بِغَسْلِ الْمُحْرِمِ بِمَاءِ وَسِدْرٍ. وَأَمَرَ بِغَسْلِ ابْنَتِهِ بِمَاءِ وَسِدْرٍ. وَأَمَرَ الَّذِي أَسْلَمَ أَنْ يَغْتَسِلَ بِمَاءِ وَسِدْرٍ. وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ السِّدْرَ لَا بُدَّ أَنْ يُغَيِّرَ الْمَاءَ، فَلَوْ كَانَ التَّغَيُّرُ يُفْسِدُ الْمَاءَ لَمْ يَأْمُرْ بِهِ.
(٢) رجاله ثقات: أخرجه أحمد (٦/ ٣٤١ - ٣٤٢)، والنسائي (٢٤٠)، وابن ماجه (٣٧٨) وغيرهم من طرق عن إبراهيم بن نافع، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن أم هانئ به.
وقد تابع مجاهدًا كل من يوسف بن ماهك، وعطاء، والمطلب بن عبد الله بن حنطب وغيرهم.

<<  <   >  >>