الأول: الناظر في الشريعة يجدها شريعة كاملة وشاملة لما يصلح في الحال والمآل، حتى الأمور الجبلية عَلَّمنا إياها رسول الهدى؛ روى مسلم عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: قَالُوا لِسَلْمَانَ: قَدْ عَلَّمَكُمْ نَبِيُّكُمْ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الْخِرَاءَةَ. فَقَالَ: أَجَلْ، لَقَدْ نَهَانَا أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ لِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ، أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِالْيَمِينِ، أَوْ نَسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِرَجِيعٍ أَوْ بِعَظْمٍ. وقال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ [المائدة: ٣]، وقال: ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ٣٨].
الثاني: الاستنجاء: هو مسح موضع الأذى أو غسله.
١ - استحباب الابتعاد عن أعين الناس إن كان في الفضاء بالإجماع في الغائط، ودلت الأحاديث المستفيضة على أن الرسول ﷺ كان إذا أتى حاجته أبعد.
وفي الصحيحين عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي سَفَرٍ، فَقَالَ:«يَا مُغِيرَةُ، خُذِ الإِدَاوَةَ»، فَأَخَذْتُهَا، فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ ﷺ حَتَّى تَوَارَى عَنِّي، فَقَضَى حَاجَتَهُ. أما في البول فلا بأس أن يبول بقرب الناس إذا كان لا يخشى الابتعاد في الغائط؛ لأن فيه زيادة تكشف. ففي الصحيحين عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فَانْتَهَى إِلَى سُبَاطَةِ قَوْمٍ، فَبَالَ قَائِمًا فَتَنَحَّيْتُ فَقَالَ:«ادْنُهْ» فَدَنَوْتُ حَتَّى قُمْتُ عِنْدَ عَقِبَيْهِ.
٢ - استحباب التعوذ من الخبث والخبائث بالإجماع، في الصحيحين عَنْ أَنَسِ ابْنِ مَالِكٍ، ﵁، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا دَخَلَ الخَلَاءَ قَالَ: «اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الخُبُثِ وَالخَبَائِثِ». قيل: ذكران الشياطين وإناثهم. وقال ابن العربي: أصل الخبث في كلام العربي المكروه، فإن كان من الكلام فهو الشتم، وإن كان من الِملل فهو الكفر، وإن كان من الطعام فهو الحرام، وإن كان من الشراب فهو الضار. وقيل: الخبث: الشر والمكروه: والخبائث: الشياطين، فكأنه استعاذ من الشر وأهله، ومعنى:(إذا دخل)، إذا أراد أن يدخل، ومنه قوله تعالي: ﴿فَإِذَا