للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فعل الصحابة على أن النهي للكراهة فروى عبد الرزاق عن الزهري قال: «إن الحسين بن علي يخضب بالسواد (١). قال وكان الحسن بن علي يخضب بالسواد (٢).

روى ابن أبي شيبة عن أبي عُشَانَةَ الْمَعَافِرِيُّ، قَالَ: رَأَيْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ يُخَضِّبُ بِالسَّوَادِ وَيَقُولُ: نُسَوِّدُ أَعْلَاهَا وَتَأْبَى أُصُولُهَا (٣).

القول الثالث: أن الخضاب بالسواد جائز بلا كراهة، وهو قول عند الحنفية (٤)، وصح عن عدد من الصحابة والتابعين.

واستدلوا بما ورد في الصحيحين عن أَبَى هُرَيْرَةَ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ: «إِنَّ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى لَا يَصْبُغُونَ، فَخَالِفُوهُمْ» (٥).

فإذا كان اليهود لا يصبغون وأمر النبي بمخالفتهم أمر بالصبغ بالسواد.

وروى أحمد: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أن رَسُولُ اللهِ قَالَ: «غَيِّرُوا الشَّيْبَ، وَلَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ وَلَا بِالنَّصَارَى» (٦). فالرسول أمر بتغيير الشيب بالسواد وغيره.

القول الرابع: أن الخضاب يجوز للمرأة، ولا يجوز للرجل (٧). واستدلوا بأن المرأة إذا كان لها أن تلبس الذهب دون الرجل لأن حاجتها إلى الزينة أشد فكذا الخضاب يجوز للمرأة دون الرجل.

الحاصل هو ما ذهب إليه جمهور العلماء من كراهة الخضاب بالسواد، والله أعلم.


(١) رجاله ثقات: أخرجه عبد الرزاق (المصنف) (٢٠١٨٤).
(٢) رجاله ثقات: أخرجه عبد الرزاق (المصنف) (٢٠١٩٠).
(٣) إسناده صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة (المصنف) (٥/ ١٨٤).
(٤) حاشية ابن عابدين (٦/ ٧٥٦).
(٥) البخاري (٣٤٦٢)، ومسلم (٢١٠٣).
(٦) إسناده حسن: رواه أحمد (٢/ ٤٩٩) من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة.
(٧) كتاب الوقف والترجل (١٣٩)، وهو قول إسحاق.

<<  <   >  >>