للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن حزم: المسح مذهب لعلي وابن عباس وأنس﴾ (١).

واعترض عليه بما قاله الحافظ بن حجر بعد ذكر الإجماع على غسل الرجلين: وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ خِلَافُ ذَلِكَ إِلَّا عَنْ عليٍّ وابن عَبَّاسٍ وَأَنَسٍ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُمُ الرُّجُوعُ عَنْ ذَلِكَ، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى: أَجْمَعَ أَصْحَابُ رَسُولِ الله عَلَى غَسْلِ الْقَدَمَيْنِ (٢).

وصح عن أنس (٣)، والحسن (٤)، والشعبي (٥)، وعكرمة (٦) المسح على القدمين.

واستدلوا بعموم قوله تعالى: ﴿وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ﴾، والاستدلال بقراءة جر (وأرجلكم) من قوله تعالى: ﴿وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ﴾.

قال ابن حزم: الْقُرْآنَ نَزَلَ بِالْمَسْحِ، وَسَوَاءٌ قُرِئَ بِخَفْضِ اللَّامِ أَوْ بِفَتْحِهَا، هِيَ عَلَى كُلِّ حَالٍ عَطْفٌ عَلَى الرُّءُوسِ: إمَّا عَلَى اللَّفْظِ وَإِمَّا عَلَى الْمَوْضِعِ، لَا يَجُوزُ غَيْرُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُحَالَ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ بِقَضِيَّةٍ مُبْتَدَأَةٍ (٧).

واعترض على هذا الاستدلال من وجهين:

الأول: أن النبي هو المبين لما في القرآن، وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله بغسل الرجلين.

قال ابن العربي: وَالَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَال: إِنَّ قِرَاءَةَ الخَفْضِ عَطْفٌ عَلَى الرَّأسِ، فَهُمَا


(١) «المحلى» (١/ ٣٠١).
(٢) «فتح الباري» في شرح الحديث (١٦٣).
(٣) روى ابن أبي شيبة (١/ ٢٩٨) بسند صحيح، عَنْ حُمَيْدٍ، قَالَ: كَانَ أَنَسٌ إذَا مَسَحَ عَلَى قَدَمَيْهِ بَلَّهُمَا.
(٤) وروى ابن أبي شيبة (١/ ٢٩٨) بسند صحيح عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ؛ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إنَّمَا هُوَ الْمَسْحُ عَلَى الْقَدَمَيْنِ، وَكَانَ يَقُولُ: يُمْسَحُ ظَاهِرُهُمَا وَبَاطِنُهُمَا.
(٥) وروى ابن أبي شيبة (١/ ٢٩٨) بسند صحيح عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: إنَّمَا هُوَ الْمَسْحُ عَلَى الْقَدَمَيْنِ
(٦) وروى ابن أبي شيبة بسند صحيح عن أيوب قال: رأيت عكرمة يمسح على رجليه.
(٧) «المحلى» (١/ ٣٠١).

<<  <   >  >>