للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الثاني: أن التسمية شرط لصحة الوضوء، وهو قول داود الظاهري (١).

واستدلوا بعموم قول النبي : «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا وُضُوءَ لَهُ، وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ الله تَعَالَى عَلَيْهِ».

القول الثالث: ذهب جمهور العلماء إلى أن التسمية في الوضوء سنة. وهو مذهب الحنفية، والشافعية، ورواية عن أحمد. والمشهور عن المالكية أن التسمية من فضائل الوضوء (٢).

واستدلوا لهذا بما ورد في الصحيحين من حديث ابن عباس يبلغ به النبي قال: «لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ قَالَ: بِاسْمِ الله، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، فَقُضِيَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ لَمْ يَضُرُّهُ».

وجه الدلالة ما قاله العيني: لما كَانَ حَال الوقاع أبعد حَال من ذكر الله تَعَالَى وَمَعَ ذَلِك تُسن التَّسْمِيَة فِيهِ، فَفِي سَائِر الْأَحْوَال بِالطَّرِيقِ الأَوْلى؛ فَلذَلِك أوردهُ البُخَارِيّ فِي هَذَا الْبَاب للتّنْبِيه على مَشْرُوعِيَّة التَّسْمِيَة عِنْد الْوضُوء (٣).

واعترض عليه بأن التسمية لا تشرع عند كل فضل كالأذان إذ لا تستحب التسمية قبله لعدم ورود الدليل الصحيح.

واستدلوا بالجمع بين أحاديث لا وضوء لمن لم يذكر الله، وبين الأحاديث الواردة في الوضوء ولم يذكر فيها التسمية، فدل ذلك على أن التسمية مستحبة.

واعترض عليه من وجهين:

الوجه الأول: أن الأحاديث التي استدلوا بها على أنه لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه لا يصح منها حديث، وأن الأحاديث الصحيحة التي وردت في صفة وضوء النبي لم يذكر فيها


(١) «عون المعبود» (١/ ١٢١).
(٢) «البحر الرائق» (١/ ١٩)، و «حاشية ابن عابدين» (١/ ١٠٨، ١٠٩)، و «الأم» (١/ ٣١)، و «حاشية الدسوقي» (١/ ١٠٣)، و «المجموع» (١/ ٣٨٥)، و «المغني» (١/ ٧٣).
(٣) «عمدة القاري» (٢/ ٢٦٦).

<<  <   >  >>