للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِأَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ أَوْ بِعَدَمِ إمْكَانِ وُصُولِ الْمَاءِ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ (١).

واعترض عليه بأن الله ذكر في كتابه غسل الرجلين، وكذا الأحاديث الصحاح، في صفة الوضوء كحديث عثمان وعبد الله بن زيد وغيرهما ليس فيهما ذكر تخليل الأصابع، ولو كان واجبًا لذكر في الأحاديث الصحاح، والأحاديث التي فيها تخليل الأصابع لا تخلو من مقال.

القول الثالث: تخليل أصابع الرجلين واجب في اليدين، سنة في الرجلين، وهو قول للمالكية (٢).

قال الخرشي: وَإِنَّمَا وَجَبَ تَخْلِيلُ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ دُونَ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ لِعَدَمِ شِدَّةِ اتِّصَالِ مَا بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ، فَأَشْبَهَ مَا بَيْنَهُمَا الْبَاطِنَ لِشِدَّةِ الِاتِّصَالِ فِيمَا بَيْنَهُمَا.

قال ابن العربي: وَالْحَقُّ أَنَّهُ وَاجِبٌ فِي الْيَدَيْنِ عَلَى الْقَوْلِ بِالدَّلْكِ، غَيْرُ وَاجِبٍ فِي الرِّجْلَيْنِ؛ لِأَنَّ تَخْلِيلَهَا بِالْمَاءِ يُقَرِّحُ بَاطِنَهَا، وَقَدْ شَاهَدْنَا ذَلِكَ، وَمَا عَلَيْنَا فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، فَكَيْفَ فِي تَخْلِيلٍ تَتَقَرَّحُ بِهِ الْأَقْدَامُ؟! (٣).

واعترض عليه بأن الأحاديث الواردة في الباب عامة: «وَخَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ»، وهذا يشمل أصابع اليدين والرجلين.

القول الرابع: أن التخليل «يفعل أحيانًا» وهذا هو السنة.

قال ابن القيم: كَذَلِكَ تَخْلِيلُ الْأَصَابِعِ لَمْ يَكُنْ يُحَافِظُ عَلَيْهِ، وَفِي " السُّنَنِ " عَنِ المستورد بن شداد: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ إِذَا تَوَضَّأَ يُدَلِّكُ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ بِخِنْصَرِهِ»، وَهَذَا إِنْ ثَبَتَ عَنْهُ فَإِنَّمَا كَانَ يَفْعَلُهُ أَحْيَانًا؛ وَلِهَذَا لَمْ يَرْوِهِ الَّذِينَ اعْتَنَوْا بِضَبْطِ وُضُوئِهِ كعثمان وعلي وعبد الله بن زيد (٤).

والراجح: أنه إذا كان الماء يصل إلى الأصابع بغير تخليل فإنه لا يجب عليه التخليل،


(١) نيل الأوطار (١/ ١٩٦).
(٢) «المنتقى» للباجي (١/ ٣٧).
(٣) «الجامع لأحكام القرآن» (٢/ ٧٥).
(٤) «زاد المعاد» (١/ ١٨٩).

<<  <   >  >>