للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالسِّنة (١)، أي مقدمة النوم.

واستدلوا بما روى البخاري: عن عَائِشَةَ قَالَتْ: أَعْتَمَ رَسُولُ الله بِالعِشَاءِ حَتَّى نَادَاهُ عُمَرُ: الصَّلَاةَ، نَامَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ (٢). ولم يرد أنهم توضئوا قبل الصلاة.

واعترض عليه بأن عدم ذكر الوضوء لا ينافي أنهم توضئوا، وإذا لم يتوضئوا فإن المراد بالنوم هو النعاس الذي يستشعر معه ما حوله، وقد يكون ممكنًا مقعدته وهو جالس.

القول الثاني: أن النوم حدث ناقض للوضوء مطلقًا (٣).

واستدلوا بما روى أبو داود عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله : «وِكَاءُ السَّهِ الْعَيْنَانِ، فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ» (٤).

واعترض عليه بأن هذا الحديث لا يصح عن رسول الله .

وروى أحمد عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، قَالَ: أَتَيْتُ صَفْوَانَ بْنَ عَسَّالٍ الْمُرَادِيَّ، فَسَأَلْتُهُ عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، فَقَالَ: كُنَّا نَكُونُ مَعَ رَسُولِ اللهِ ، فَيَأْمُرُنَا أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا مِنْ جَنَابَةٍ، وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ، وَبَوْلٍ، وَنَوْمٍ (٥).


(١) قال القرطبي في المفهم: وهذا النوم في هذه الأحاديث هو الخفيف المعبر عنه بالسنة التي ذكرها الله تعالى، في قوله تعالى: ﴿لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ﴾ [البقرة: ٢٥٥].
(٢) «البخاري» (٥٦٩)، و «مسلم» (٦٣٨).
(٣) حُكى هذا القول عن أبي هريرة وأبي رافع وعروة بن الزبير وعطاء والحسن البصري وابن المسيب والزهري والمزني وابن حزم كما في «المجموع» (٢/ ١٣).
(٤) ضعيف: أخرجه أبو داود (٢٠٣)، وأحمد (١/ ١١١) ولهذا الحديث علل:
الاولى: الانقطاع فعبد الرحمن بن عائذ لم يسمع من علي، «العلل» لابن أبي حاتم (١/ ٤٧).
الثانية: الوضين بن عطاء سيئ الحفظ.
الثالثة: بقية مدلس ولم يصرح بالتحديث إلى نهاية السند.
وله شاهد من حديث معاوية بن أبي سفيان قال: قال رسول الله : «إن الْعَيْنَيْنِ وِكَاءُ السَّهِ، فَإِذَا نَامَتِ الْعَيْنَانِ اسْتُطْلِقَ الْوِكَاءُ»، أخرجه الدارمي (٧٢٢) وغيره، وفي إسناده أبو بكر ابن أبي مريم، ضعيف، وقد كان قد سُرق بيته فاختلط.
(٥) إسناده حسن: أخرجه أحمد (٤/ ٢٣٩)، والنسائي (١/ ٨٣)، والترمذي (٩٦)، وغيرهم عن عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش عن صفوان بن عسال به.

<<  <   >  >>