للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الدلالة: أنه قرن في الحديث بين البول والغائط والنوم، فكما أن البول ينقض الوضوء فكذا النوم، ولم يفرق بين قليل النوم وكثيره والمضجع والقاعد.

واعترض عليه بأن المراد النوم الثقيل الذي يزول معه العقل.

واستدلوا بالقياس، فكما أن من زال عقله بجنون أو إغماء عليه الوضوء بالإجماع، فكذا من زال عقله بنوم.

واعترض عليه بأن النوم الخفيف الذي يشعر معه بما حوله لا يصح قياسه على المجنون لأنه لا يزال عقله، أما النوم الثقيل الذي يزال معه العقل فيصح قياسه.

القول الثالث: ذهب أبو حنيفة إلى أن من نام مستلقيًا أو مضجعًا انتقض وضوءه (١).

واستدلوا بما روى أحمد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: «لَيْسَ عَلَى مَنْ نَامَ سَاجِدًا وُضُوءٌ حَتَّى يَضْطَجِعَ، فَإِنَّهُ إِذَا اضْطَجَعَ اسْتَرْخَتْ مَفَاصِلُهُ» (٢).

وعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله : «مَنْ نَامَ وَهُوَ جَالِسٌ فَلَا وَضُوءَ عَلَيْهِ، فَإِذَا وَضَعَ جَنْبَهُ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ» (٣).

وعَن حُذَيْفَة بن اليمان قَالَ: كنت في مسجد المدينة جالسًا أخفق حتى احتضنني رجل من خَلْفي فَالْتَفت فَإِذا أنا بالنَّبِي فَقلت: يا رسول الله، هَلْ وَجب عَليّ الْوضُوء؟ قَالَ: «لَا،


(١) «شرح فتح القدير» (١/ ٤٨، ٤٩)، و «حاشية ابن عابدين» (١/ ١٤٢).
(٢) ضعيف: أخرجه أحمد (١/ ٢٥٦)، وغيره، وفي إسناده يزيد بن عبد الرحمن الدالاني: ضعيف، وقد خالف من هو أوثق منه. وقد رواه أبو داود (٢٠٢)، وغيره بلفظ أَنَّ رَسُولَ الله كَانَ يَسْجُدُ وَيَنَامُ وَيَنْفُخُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي وَلَا يَتَوَضَّأُ، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: صَلَّيْتَ وَلَمْ تَتَوَضَّأْ وَقَدْ نِمْتَ. فَقَالَ: «إِنَّمَا الْوُضُوءُ عَلَى مَنْ نَامَ مُضْطَجِعًا»، قال أبو داود: قوله: «إنما الْوُضُوءُ عَلَى مَنْ نَامَ مُضْطَجِعًا» هو حديث منكر، لم يروه إلا يزيد بن خالد الدالاني عن قتادة. وروى أوله جماعة عن ابن عباس، ولم يذكروا شيئًا من هذا. وذكر أبو داود علة أخرى في السند وهي أن قتادة لم يسمع هذا الحديث من أبي العالية.
(٣) منكر: أخرجه الطبراني «الأوسط» (٦٠٦٠)، وفي إسناده الحسن بن أبي جعفر: منكر الحديث، قاله البخاري. ورواه ابن عدي في «الكامل» (٦/ ٤٦٨)، من طريق آخر عن عمرو به وفي إسناده مهدي بن هلال، كذاب.

<<  <   >  >>