للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الآخر: أن أكل لحم الجزور لا ينقض الوضوء، وهو مذهب الجمهور (١).

واستدلوا بما روى أبو داود عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «كَانَ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ الله تَرْكُ الْوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ» (٢).


(١) «بدائع الصنائع» (١/ ٣٢)، و «المنتقى للباجي» (١/ ٦٥)، و «المجموع» (٢/ ٦٦).
(٢) ضعيف: أخرجه أبو داود (٣٩٢)، ومدار هذا الحديث على محمد بن المنكدر عن جابر، ولهذا الحديث علتان:
الأولى: في السند، أن محمد بن المنكدر لم يسمع هذا الحديث من جابر، وإنما سمعه من عبد الله بن محمد بن عقيل كما في المعرفة للبيهقي (١/ ٣٩٥)، وقد روى أحمد (٣/ ٣٠٧)، ثنا سفيان: سمعت ابن المنكدر غير مرة يقول: عن جابر، وكأني سمعته مرة يقول: أخبرني من سمع جابرًا، وظننته سمعه من ابن عقيل، وقد ذكر البيهقي أن ابن المنكدر يقول: سمعت جابر بن عبد الله. وهذا وهم، فقد قال البخاري (التاريخ الصغير»: قال بعضهم عن ابن المنكدر: سمعت جابرًا ولا يصح.
الثانية: في المتن، فإذا كان مدار الحديث على محمد بن المنكدر عن جابر به فقد اختلف على ابن المنكدر: فرواه شعيب بن حمزة عن محمد بن المنكدر بهذا اللفظ. ورواه ابن عيينة وأيوب ومعمر وروح وغيرهم، عن ابن المنكدر عن جابر بأن الرسول نَزَلَ عَلَى امْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَرَّبَت لَهُ لحَمًا، فَأَكَلَ ثُمَّ حَانَ وَقْتُ صَلَاةِ الظُّهْرِ فَتَوضَّأَ، وَصَلَّى ثُمَّ رَجَعَ فَقَرَّبَت لَهُ فَضْلُ طَعَامِهِ فَأَكَلَ فَحَانَت صَلَاةُ العَصْرِ، فَصَلَّى وَلَم يَتَوَضَّأ. كما أخرجه أحمد (٣/ ٣٠٧)، وابن ماجه (٤٨٩)،، قال ابن أبي حاتم «العلل» (١/ ٦٤): سمعت أبي يقول: هذا حديث مضطرب عن جابر، ويحتمل أن يكون شعيب حدث به من حفظه فوهم فيه.

<<  <   >  >>