للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

روى ابن أبي شيبة عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «الْوُضُوءُ مِمَّا خَرَجَ وَلَيْسَ مِمَّا دَخَلَ» (١).

وعَنْ يَحْيَى قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنِ الْوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ، فَقَالَ: «الْوُضُوءُ مِمَّا خَرَجَ، وَلَيْسَ مِمَّا دَخَلَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَلَا يُخْرِجُهُ إِلَّا خَبِيثًا» (٢).

الراجح: أن من أكل لحم الجزور انتقض وضوءه؛ لما روى مسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ : أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ؟ قَالَ: «نَعَمْ».

وعن البراء قال: سئل رسول الله عن الوضوء من لحوم الإبل فقال: «تَوَضَّئُوا مِنْهَا».

أما من قالوا: إن أكل لحم الجزور لا ينقض الوضوء فاستدلوا بحديث جابر ابن عبد الله: كان آخر الأمرين ترك الوضوء مما مست النار.

فاعترض عليه من وجهين:

الأول: أن الحديث لا يصح عن رسول الله.

الثاني: أن حديث ترك الوضوء مما مست النار حديث عام، وحديث الوضوء من لحوم الإبل خاص، وإذا تعارض العام والخاص قُدم الخاص على العام، ثم إنه لو كانت العلة في الوضوء من لحوم الإبل كون النار قد مستها، لم يختلف الحكم في لحم الغنم؛ لأن النار أيضًا قد مستها.


(١) إسناده صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة (١/ ٥٢) رقم (٥٣٥)، وروى عبد الرزاق «المصنف» (٦٥٣) عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: إِنَّمَا النَّارُ بَرَكَةُ الله، وَمَا تُحِلُّ مِنْ شَيْءٍ وَلَا تُحَرِّمُهُ وَلَا وُضُوءَ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ، وَلَا وُضُوءَ مِمَّا دَخَلَ، إِنَّمَا الْوُضُوءُ مِمَّا خَرَجَ مِنَ الْإِنْسَانِ. وإسناده صحيح.
(٢) رجاله ثقات: أخرجه ابن الجعد «مسنده» (٤٤٧)، و يحيى هو ابن وثاب قد ورد عن علي ابن أبي طالب وابن مسعود أن الوضوء مما خرج. ولا يصح عنهما، والله أعلم.

<<  <   >  >>