للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحنفية، وهو قول المالكية وقول الشافعي في القديم، والمشهور عند الحنابلة (١).

واستدلوا بما روى جَابِرٌ قَالَ: خَرَجْنَا فِي سَفَرٍ فَأَصَابَ رَجُلًا مِنَّا حَجَرٌ فَشَجَّهُ فِي رَأْسِهِ، ثُمَّ احْتَلَمَ، فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ فَقَالَ: هَلْ تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ؟ فَقَالُوا: مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ، فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ أُخْبِرَ بِذَلِكَ فَقَالَ: «قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ اللهُ، أَلَا سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا؟ فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ، إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِرَ - أَوْ: يَعْصِبَ، شَكَّ مُوسَى -عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً، ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ» (٢).

عَنْ عليِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: انْكَسَرَتْ إِحْدَى زَنْدَيَّ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَمْسَحَ عَلَى الْجَبَائِرِ (٣).


(١) «بدائع الصنائع» (١/ ١٣)، و «المدونة» (١/ ١٢٩ - ١٣٠)، و «المجموع» (٢/ ٣٦٧)، و «مسائل ابن هانئ» (١/ ١٨، ٢٠).
(٢) ضعيف: ومدار الحديث على عطاء، فرواه الزبير بن خريق عن عطاء عن جابر به كما أخرجه أبو داود (٣٣٦). ورواه الأوزاعي بلغني عن عطاء عن ابن عباس يخبر أن رجلاً أصابه جرح في عهد رسول الله قد أصابه احتلام فأمر بالاغتسال فمات، فبلغ ذلك النبي فقال: «قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ اللَّهُ، أَلَمْ يَكُنْ شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالَ؟» أخرجه أحمد (١/ ٣٣٠)، والزبير بن خريق ضعيف الحديث.
ورواه أبو مغيرة عند الدارمي (٧٥٢)، والوليد عند الدارقطني (١/ ١٩٢) عن عطاء: فبلغنا أن رسول الله سئل عن ذلك فقال: «لو غسل جسده وترك حيث أصابه الجرح» رواية مرسلة. وأخرجه عبد الرزاق (٨٦٧) عن الأوزاعي عن رجل عن عطاء به.
ورواه ابن ماجه (٥٧٢) عن هشام بن عمار، ثنا عبد الحميد بن حبيب بن أبي العشرين، ثنا الأوزاعي عن عطاء به. وفي «العلل» (١/ ٣٧) عن أبي حاتم وأبي زرعة قالا: روى هذا الحديث ابن أبي العشرين عن الأوزاعي عن إسماعيل بن مسلم عن عطاء عن ابن عباس، وأفسد الحديث، أي ذكر الواسطة بين الأوزاعي وعطاء وهي إسماعيل ضعيف.
فالحاصل: أن المسح على الجبيرة من حديث جابر لا يصح، وحديث ابن عباس ليس فيه المسح على الجبيرة.
(٣) موضوع: أخرجه عبد الرزاق (٦٢٣)، وابن ماجه (٦٥٧)، وفي إسناده: عمرو بن خالد الواسطي: كان يضع الحديث، وفي «العلل» لأحمد (٣/ ١٥): سمعت رجلًا يقول ليحيى: تحفظ عن عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي، عن النبي أنه مسح على الجبائر؟ فقال: باطل، ما حَدَّث به معمر قط، ولو حَدَّث بهذا عبد الرزاق كان حلال الدم.
وروى الدارقطني (١/ ٢٢٦) عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ الله عَنِ الْجَبَائِرِ تكُونُ عَلَى الْكَسِيرِ كَيْفَ يَتَوَضَّأُ صَاحِبُهَا وَكَيْفَ يَغْتَسِلُ إِذَا أَجْنَبَ؟، قَالَ: «يَمْسَحَانِ بِالْمَاءِ عَلَيْهَا فِي الْجَنَابَةِ وَالْوُضُوءِ»، قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ فِي بَرْدٍ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ إِذَا اغْتَسَلَ؟ قَالَ: «يَمُرُّ عَلَى جَسَدِهِ»، وَقَرَأَ رَسُولُ الله : ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (٢٩)﴾ [النساء: ٢٩] «وَيَتَيَمَّمُ إِذَا خَافَ».
وفي إسناده: خالد بن يزيد المكي: كذاب. وزيد بن علي بن الحسين لم يدرك جده عليِّ بن أبي طالب.

<<  <   >  >>