للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحَائِطِ أَوِ الأَرْضِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ.

فدل هذا الحديث أن غسل الكفين يكون عند ابتداء الغسل وقبل الاستنجاء، وفي هذا الحديث أن غسل اليدين كان قبل غسل الفرج بلفظ (ثم) وهي تفيد الترتيب.

وقد ورد عند البخاري أيضًا من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ قَالَتْ: «تَوَضَّأَ رَسُولُ الله وُضُوءهُ لِلصَّلَاةِ، غَيْرَ رِجْلَيْهِ، وَغَسَلَ فَرْجَهُ وَمَا أَصَابَهُ مِنَ الأَذَى، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَيْهِ المَاءَ.

وهنا إشكال وهو أنا ذكرنا آنفًا أن غسل الفرج قبل الوضوء وفي هذا الحديث ذكر غسل الفرج بعد الوضوء.

وأجاب عن هذا الإشكال ابن حجر فقال: فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ لِأَنَّ غَسْلَ الْفَرْجِ كَانَ قَبْلَ الْوُضُوءِ إِذِ الْوَاوُ لَا تَقْتَضِي التَّرْتِيبَ، وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ السَّتْرِ فِي الْغُسْلِ، فَذَكَرَ أَوَّلًا غَسْلَ الْيَدَيْنِ ثُمَّ غَسْلَ الْفَرْجِ ثُمَّ مَسْحَ يَدَهُ بِالْحَائِطِ ثُمَّ الْوُضُوءَ غَيْرَ رِجْلَيْهِ، وَأَتَى بِثُمَّ الدَّالَّةِ عَلَى التَّرْتِيبِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ (١).

وهل يغسل يديه أو اليمنى فقط؟

يغسل يديه كلتيهما، وبهذا قال جماهير أهل العلم، ودلت على ذلك السنة.

ورجح بعض المالكية غسل يده اليمنى فقط.

واستدلوا لذلك بالسنة والمأثور والمعقول:

أما السنة: ففي البخاري من حديث ميمونة: «فَصَبَّ عَلَى يَدِهِ».

فهذا يعني غسل اليمنى فقط.

واعترض عليه من وجهين:

الوجه الأول: أن أكثر الروايات عن ميمونة «صَبَّ عَلَى يَدَيْهِ، فَغَسَلَهُمَا».


(١) «فتح الباري» شرح حديث (٢٤٩).

<<  <   >  >>