للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولو أسقطنا حديث ميمونة للخلاف فيه، فقد روى البخاري عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ : كَانَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ، بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ» (١).

الوجه الثاني: أن كلمة (يده) مفرد مضاف فتعم كلتا يديه.

أما المأثور: فعن ابْنِ عُمَرَ كَانَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ، بَدَأَ فَأَفْرَغَ عَلَى يَدِهِ الْيُمْنَى، فَغَسَلَهَا (٢).

واعترض بأن أثر الصحابي يسقط الاستدلال به إذا صح الحديث بخلافه.

أما دليلهم من المعقول فهو ما قاله الباجي: وَيَكْفِي غَسْلُ الْيُمْنَى فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لِيُمَكِّنَّهُ غَرْفُ الْمَاءِ بِهَا، وَلَا مَعْنَى لِغَسْلِ الْيَدِ الْيُسْرَى مَعَهَا لِأَنَّهُ يَغْسِلُ بِهَا فَرْجَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيُبَاشِرُ النَّجَاسَةَ وَلَا يُبَاشِرُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِيُمْنَاهُ فَلِذَلِكَ غَسَلَهَا لِيَتَنَاوَلَ بِهَا الْمَاءَ (٣).

واعترض عليه بأنه لا قياس مع النص.

والراجح: ما ذهب إليه جماهير العلماء، أي أنه يغسل يديه كلتيهما قبل الوضوء وقبل غسل الفرج.

السنة الثانية: استحباب غسل الكفين في ابتداء الغسل:

ذهب جمهور أهل العلم إلى أن غسل الكفين في غسل الجنابة من مرة إلى ثلاث مرات، وعلى ذلك دلت النصوص، وبه قال الأئمة الأربعة (٤).

وروى أحمد أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ أَفْرَغَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى،


(١) «البخاري» (٢٤٨).
(٢) إسناده صحيح: أخرجه مالك «الموطأ» (١٠٢) عن نافع عن ابن عمر.
(٣) «المنتقى» للباجي (١/ ٩٥).
(٤) «بدائع الصنائع» (١/ ٣٤)، «الفواكه الدواني» (١/ ١٤٧)، «المجموع» (٢/ ٢٠٩)، «الإنصاف» (١/ ٢٥٢).

<<  <   >  >>