(٢) مسلم (٣٣٠) قال ابن تيمية «مجموع الفتاوى» (٢١/ ٣٩٦): لَا يَجِبُ عَلَى الْجُنُبِ إلَّا الِاغْتِسَالُ وَأَنَّهُ إذَا اغْتَسَلَ جَازَ لَهُ أَنْ يَقْرَبَ الصَّلَاةَ. وَالْمُغْتَسِلُ مِنْ الْجَنَابَةِ لَيْسَ عَلَيْهِ نِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ. كَمَا قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ. وَالْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد: أَنَّ عَلَيْهِ نِيَّةَ رَفْعِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَكَذَلِكَ لَيْسَ عَلَيْهِ فِعْلُ الْوُضُوءِ وَلَا تَرْتِيبٌ وَلَا مُوَالَاةٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ الْقُرْآنُ يَقْتَضِي: أَنَّ الِاغْتِسَالَ كَافٍ. وَأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ حَدَثٌ آخَرُ، بَلْ صَارَ الْأَصْغَرُ جُزْءًا مِنْ الْأَكْبَرِ، كَمَا أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْأَصْغَرِ جُزْءٌ مِنْ الْوَاجِبِ فِي الْأَكْبَرِ فَإِنَّ الْأَكْبَرَ يَتَضَمَّنُ غَسْلَ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ. وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ ﷺ لِأُمِّ عَطِيَّةَ وَاَللَّوَاتِي غَسَّلْنَ ابْنَتَهُ: «اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ بِمَاءِ وَسِدْرٍ، وَابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا». فَجَعَلَ صِفَةَ غَسْلِ مَوَاضِعِ الْوُضُوءِ جُزْءًا مِنِ الْغُسْلِ لَكِنَّهُ يُقَدَّمُ كَمَا تُقَدَّمُ الْمَيَامِنُ. وَكَذَلِكَ الَّذِينَ نَقَلُوا غُسْلَهُ كَعَائِشَةَ ذَكَرَتْ أَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأُ ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى شَعْرِهِ ثُمَّ عَلَى سَائِرِ بَدَنِهِ. وَلَا يَقْصِدُ غَسْلَ مَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مَرَّتَيْنِ، وَكَانَ لَا يَتَوَضَّأُ بَعْدَ الْغُسْلِ. فَقَدْ دَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ عَلَى أَنَّ الْجُنُبَ وَالْحَائِضَ لَا يَغْسِلَانِ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ وَلَا يَنْوِيَانِ وُضُوءًا بَلْ يَتَطَهَّرَانِ وَيَغْتَسِلَانِ كَمَا أَمَرَ الله تَعَالَى. وَقَوْلُهُ: ﴿فَاطَّهَّرُوا﴾ أَرَادَ بِهِ الِاغْتِسَالَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْحَيْضِ: ﴿حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ﴾ أَرَادَ بِهِ الِاغْتِسَالَ كَمَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ. وَقِيلَ: لَا يَرْتَفِعُ الْحَدَثُ الْأَصْغَرُ إلَّا بِهِمَا. وَقِيلَ: لَا يَرْتَفِعُ حَتَّى يَتَوَضَّأَ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَحْمَدَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute