للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فاكتفى بالإفاضة ولم يذكر الوضوء (وإنما) للحصر، والطهارة الكبرى متضمنة للطهارة الصغرى، ولأنه يلزم من رفع الأكبر رفع الأصغر.

القول الثاني: إذا لم ينو رفع الحدث الأصغر بالغسل لم يرتفع.

وهذا القول نص عليه أحمد وهو وجه عند الشافعية (١).

واستدلوا بعموم قول النبي : «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ».

واعترض عليه بأنه إذا ارتفع الحدث الأكبر فهذا متضمن لارتفاع الحدث الأصغر.

القول الثالث: لا يرتفع الحدث الأصغر حتى يتوضأ، سواء توضأ قبل الغسل أو توضأ بعده، وهو أحد قولي الشافعي وقول عند الحنابلة (٢).

والراجح: ما ذهب إليه جمهور العلماء أنه يجزئ الغسل عن الوضوء، وقد دل على ذلك القرآن ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ ﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا﴾.

وقال النبي : «خُذْ هَذَا فَأَفْرِغْهُ عَلَيْكَ» ولم يشترط الوضوء.

قال شيخ الإسلام: الَّذِينَ نَقَلُوا صِفَةَ غُسْلِهِ كَعَائِشَةَ ذَكَرَتْ أَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأُ ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى شَعْرِهِ ثُمَّ عَلَى سَائِرِ بَدَنِهِ، وَلَا يَقْصِدُ غَسْلَ مَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مَرَّتَيْنِ وَكَانَ لَا يَتَوَضَّأُ بَعْدَ الْغُسْل (٣).

وقال ابن حزم: وَأَمَّا غُسْلُ الْجَنَابَةِ وَالْوُضُوءِ فَإِنَّهُ أَجْزَأَ فِيهِمَا عَمَلٌ وَاحِدٌ بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ لَهُمَا جَمِيعًا (٤).

وفي «الشرح الصغير» قال: وضوء الجنب لا يبطله إلا الجماع (٥).


(١) «كشاف القناع» (١/ ٨٩)، «المجموع» (٢/ ٢٢٣).
(٢) «المجموع» (٢/ ٢٢٣)، «شرح العمدة» (١/ ٣٧٦).
(٣) «مجموع الفتاوى» (٢١/ ٣٩٧).
(٤) «المحلى» (مسألة ٩٥).
(٥) «الشرح الصغير» (١/ ١٧٦).

<<  <   >  >>