للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن عبد البر: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ بِالتُّرَابِ جَائِزٌ (١).

المطلب الثاني: التيمم بغير التراب مما هو من جنس الأرض:

اتفق العلماء على أن التيمم بالتراب جائز، واختلفوا فيما عداه من الأرض على قولين:

القول الأول: التيمم جائز بكل ما صعد من الأرض من جنسها من تراب أو رمل أو غير ذلك، وبه قال الحنفية والمالكية (٢).

واستدلوا بالقرآن والسنة.

أما دليلهم من القرآن فعموم قوله تعالى: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾.

وجه الدلالة: ما قاله الباجي: الصعيد وجه الأرض ترابًا كان أو رملًا أو حجرًا، قاله ابن الأعرابي والزَّجَّاج، قال أبو إسحاق: لا أعلم فيه خلافًا بين أهل اللغة (٣).

واعترض على هذا الاستدلال بما قال الشافعي: لا يقع اسم صعيد إلا على تراب ذي غبار (٤).

فحاصل الاعتراض أن الصعيد لا يقع إلا على تراب ذي غبار، والطيب يعني الأرض الطيبة التي تنبت، دل على ذلك عموم قوله تعالى: ﴿وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا﴾ [الأعراف: ٥٨].

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَطْيَبُ الصَّعِيدِ الْحَرْثُ وَأَرْضُ الْحَرْثِ (٥).

وأجيب عنه بأن الأثر لا يصح، ولو صح فليس فيه دلالة؛ لأن قوله: «أَطْيَبُ الصَّعِيدِ الْحَرْثُ» لا ينفي أن ما عداه من الأرض ليس بصعيد، ودل على أن الأرض التي لا تنبت يطلق


(١) «الإستذكار» (١/ ٣٠٩).
(٢) «المبسوط» (١/ ١٠٨)، «مواهب الجليل» (١/ ٣٥٠»، «التمهيد» (١٩/ ٢٨١).
(٣) «تفسير الطبري» (١٥/ ١٩٦).
(٤) «الأم» (١/ ٥٠).
(٥) ضعيف: أخرجه ابن أبي شيبة (١/ ١٤٨)، وفي إسناده قابوس بن ظبيان: ضعيف.

<<  <   >  >>