للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليها صعيد عموم قوله تعالى: ﴿وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا ٨﴾ [الكهف]، والجرز: هي الأرض التي لا نبات عليها ولا زرع ولا غرس (١).

وفي المصباح المنير: الصعيد وجه الأرض ترابًا كان أو غيره، قال الزجاج: ولا أعلم اختلافًا بين أهل اللغة في ذلك (٢).

واستدلوا بعموم قول النبي : «وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا». وهذا يشمل التراب والرمل وكل ما على الأرض.

القول الثاني: ذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه لا يجوز التيمم إلا بتراب طهور، ولا يجوز التيمم بالرمل ولا غير التراب من مكونات الأرض (٣).

واستدلوا بما روى مسلم عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : «فُضِّلْنَا عَلَى النَّاسِ بِثَلَاثٍ: جُعِلَتْ صُفُوفُنَا كَصُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ، وَجُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا، وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا إِذَا لَمْ نَجِدِ الْمَاءَ».

قال ابن رجب: إن الحديث جعل الأرض كلها مسجدًا، وخص الطهورية بالتربة وأخرج ذلك في مقام الامتنان وبيان الاختصاص، فلولا أن الطهورية لا تعم جميع أجزاء الأرض لكان ذِكْر التربة لا معنى له، وهذا لا يليق بمن أوتي جوامع الكلم (٤).

واعترض عليه: بأن حديث: «وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» مطلق وعام يشمل جميع الأرض من تراب ورمل وغير ذلك. «وجعلت لي تربتها طهورًا» ذِكْر بعض أفراد العام (التراب) (لا يخصصه). كما في قوله تعالى: ﴿حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى﴾، فلم تكن خصوصية الوسطى بالأمر بالمحافظة عليها مُخرجًا سائر الصلوات من الأمر العام الذي أمر بالمحافظة على الصلوات (٥).


(١) «تفسير ابن كثير» (٣/ ٧٣).
(٢) «المصباح المنير» (ص ٣٤٠).
(٣) «المجموع» (٢/ ٢٤٦»، «المغني» (١/ ١٥٥)، «المحور» (١/ ٢٢).
(٤) «شرح ابن رجب» للبخاري (٢/ ٢١١).
(٥) «الأوسط» (١/ ٢٧٠).

<<  <   >  >>