لاجرم لقد قلَّدتُهُم رِبقتَها، وشنَنتُ عليهم عارَها، فجدْعاً وعَقْراً وسُحْقاً للقوم الظالمين؛ ويحَهُم أنَّى زحزحوها عن رواسي الرسالة، وقواعد النبوة، ومهبط الوحي الأمين، والضنين بأمر الدنيا والدين { ... أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ}(الزمر: ١٥) وما نقموا من أبي حسن؟ ! نقموا ـ واللَّهِ ـ نكير سيفه، وشِدَّة وطأته، ونَكال وقعَته، وتَشمُّرَه في ذات اللَّه، وتاللَّه لو تكافُّوا عن زمام نبَذَه رسولُ اللَّه - صلى الله عليه وسلم - إليه لاعتَقَلَه، ولسار بهم سيراً سجحاً، لا يُكْلَم خُشاشه، ولايُتعْتَع راكبه، وأوردهم منهلاً نميراً فضفاضاً، تطفحُ ضفَّتاه، ولأصدرهم بِطاناً قد غمرهم الرِّيُّ، غيرَ متحَلٍّ منه بطائل إلا بغَمْر الماء، ورَدْغَة سَورة السَّاغِب، ولَفُتِحَتْ عليهم بركات من السماء والأرض، وسيأخذهم اللَّه بما كانوا يكسبون.
ألا هلُمَّ فاسْمَعْ ـ وما عِشتَ أراك الدهْرُ العجَبَ ـ وإن تعجبْ فقد أعجبكَ الحادثُ، إلى أيِّ لجأ استنَدوا، وبأي عُروة تمسَّكوا، استبدلوا الذُّنَابى ــ واللَّه ــ بالقوادِم، والعجُزَ بالكاهل، فرُغْماً لمعاطِس {يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} الكهف: ١٠٤، {أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ} البقرة: ١٢ ... {أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}(يونس: ٣٥)
أما لعَمْرُ إلَهِكَ لقد لَقِحَتْ، فنظرةٌ ريثما تُنتِج، ثم احتلبوا طلاع العُقَب