الدين، وبهم نصرَ اللَّهُ الإسلام؛ لما اجترأوا على إقامة القباب على القبور، وتعظيم الأموات، تعظيماً يأباه العقل والشرع، وخالفوا في هذا كلِّه الصحابةَ والتابعينَ الذين أدَّوا إلينا أمانة نبيهم - صلى الله عليه وسلم - فأضعناها، وأسرَارَ شريعتِهِ فعَبثْنَا بها! !
وإليك ما رواه في شأنِ القبور مُسلمٌ في «صحيحه» .... ثم ذكر الأستاذ حديثين منه: حديثَ أبي الهياج عن علي، وحديثَ فضالة بن عبيد في تسوية القبور. (١)
ثم قال: هكذا بلَّغوا الدين، وأدَّوا إلينا أمانةَ الرسولِ - صلى الله عليه وسلم -، ثم تأكيداً لعَهد الأمانة بدأوا بكُلِّ ما أمرهم به الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأنفسهم؛ لنستنَّ بسنتهم، ونهتدي بهَدي نبيهم.
ولكَنْ قَصُرَتْ عُقُولُنَا عن إدراك معنى تلك الجزئيات، وانحطَّتْ مداركنا عن مقام العلم بحكمة التشريع الإلهي، والأمر النبوي القاضي بعدم تشييد القبور؛ اتقاءَ التدرج في مدارج الوثنية، فلم نحفل بتلك الحكمة، وتحكَّمنا بعقولنا القاصرة بالشرع، فحكَمْنَا بجواز تشييد القبور استحباباً
(١) ذكر الأستاذ العظم - رحمه الله - حاشية هنا: [الأحاديث الواردة بالنهي عن تشييد القبور وتعظيمها، ولَعْنِ مَن يتخذها مزاراً، ويقصدها بالنذور كثيرةٌ، قد استقصى الكلام عليها كثير من الأئمة المصلحين، كشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، وأمثالهما، فلتُراجع في مظانها من كتب القوم، كالواسطة، وإغاثة اللَّهفان، وغيرهما].