للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أو ما يفعل أو ما يتصرف فيه (١)، فنسأل اللَّه

أن يعفو عنها عن هِجْرَتِها خليفةَ رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -.

فإن قال قائل: ما الجمعُ بين فِعلِ فاطمة - رضي الله عنها - وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يحلُّ لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث»؟ (٢)

فالجواب: لعلها ترى - رضي الله عنها - أن الهجر لسبب ـ ولو طال ـ لا بأس به، كما هجرَ ابنُ عمر - رضي الله عنهما - أحدَ أبنائه لما حدَّثه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تمنَعُوا إماءَ اللَّهِ مساجدَ اللَّهِ». (٣) قال: واللَّهِ لَنمنَعَهُنَّ، فأقبلَ عليه عبدُاللَّه بنُ عمر، وسبَّه سبَّاً شديداً، وقال: لا أكلِّمُكَ ما حَييتُ. (٤)


(١) يقصد الشيخ بكلامه هذا ــ وهو من دروسه الشفهية التي نقلها مكتوبةً طلابُه ـ: أنَّ من طبيعة البشر عند الغضب: نقصان الإدراك والفهم، وحُسن التصرف أحياناً، لا أنه حُكْمٌ خاصٌّ بفاطمة في هذه المسألة، بل ذِكْرٌ للسببِ الطبعي لهذا التصرف؛ لذلك ورد حديثُ أبي بكرة الثقفي - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يقضينَّ حَكَمٌ بين اثنين وهو غضبان». أخرجاه في «الصحيحين»، ومثله طلاق الغضبان، وتركُ الصلاة عند حضور الطعام، ومدافعة الأخبثان، وذلك كله لتأثير هذه الأمور على الإدراك ـ والله أعلم ـ.
(٢) أخرجه: البخاري في «صحيحه» رقم (٦٠٦٥) و (٦٠٧٦)، ومسلم في «صحيحه» رقم (٢٥٥٩).
(٣) أخرجه: البخاري في «صحيحه» رقم (٩٠٠)، ومسلم في «صحيحه» رقم (٤٤٢).
(٤) قول ابن عمر لابنه في: مسلم في «صحيحه» رقم (٤٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>