وإنكاره المنكر وبيان شناعته بإظهار جزاء المخالفة ـ إن لم ينتهوا ـ؛ حرصاً على المسلمين، ولا يُقصد من كل تهديد إرادة الوقوع، بل كثير منه للزجر والتخويف، وهو من الأساليب العربية المعروفة.
واللَّهُ قال لنبيهِ وأفضلِ خَلْقِهِ - صلى الله عليه وسلم -: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}(سورة الزمر، آية ٦٥)
ونبيُّنَا - صلى الله عليه وسلم - بعيدٌ عن الشرك، والتهديد لأحب الخلق إلى اللَّه تعالى، بياناً للناس وهداية، وتحذيراً من الإخلال بحق الإله الحق المبين.
وإن كان من شئ في متن الحديث فهو العبارة الأخيرة: أنهم خرجوا وبايعوا، والراجح أنَّ علياً لم يبايع إلا بيعةً واحدةً بعد وفاة فاطمة (١)، فتُحمَل اللفظةُ ـ إنْ صحَّت ـ على مبايعة الحاضرين: الزبير، ومَن معه، دون عليٍّ - رضي الله عنهم -.
هذا، والصحابة لم يُجبِرُوا أحداً على البيعة، فقد قامَتْ بمبايعة أهلِ الحَلِّ والعَقْدِ الحاضرين في ذلك الموقف: في السقيفة، ثم في المسجد، وإنما ورد الإشكال باجتماعٍ يُخشَى من عواقبه ــ وهذا النهي والزجر من عمر بتأييدٍ وطَلَبٍ فيما يظهر من أبي بكر ــ هُوَ عينُ السياسة الشرعية، وحسَناً فعَلَا - رضي الله عنهم -.