للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - هلاك المبيع زمن الخيار:

إذا تلف المبيع في زمن الخيار يُنظر:

فإن كان قبل القبض، أي أن المبيع لا يزال في يد البائع، فإن البيع ينفسخ ويسقط الخيار، سواء أكان الخيار للمشتري أم للبائع، لعدم القدرة على تسليم المبيع، ويكون من ضمان البائع.

وإن كان الهلاك بعد القبض، أي في يد المشتري، فإن البيع لا ينفسخ، لدخوله في ضمان المشتري بقبضه له. كما أن الخيار لا يزال باقياً، سواء أكان للبائع أم للمشتري، لأن الحاجة التي دعت إليه - وهي الحفظ من الغبن - لا تزال باقية، فلمَن له الخيار حق إمضاء البيع وفسخه. فإذا أُمضى العقد وأُجيز وجب على المشتري ثمنه للبائع، لأنه تبين أنه ملكه. وإذا فسخ العقد وجب عليه رد مثله أو قيمته يوم التلف، ويسترد المشتري الثمن، لأنه تبيّن أنه لم يدخل في ملكه.

٣ - خيار العيب:

الأصل في تعامل المسلم مع غيره النصح وعدم الغش، لأن في ذلك أكلاً لأموال الناس بالباطل، وقد حذر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الغش أشد تحذير حين قال: " من غش فليس منّا " ومن الغش أن يكون في المبيع عيب يعلمه البائع، فيكتمه عن المشتري ولا يبيِّنه له. يدل على ذلك سبب ورود الحديث المذكور، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرّ في السوق على صُبَرةِ طعام، فأدخل يدَه فيها، فنالت أصابعه بلَلاً، فقال: " ما هذا يا صاحب الطعام؟ " قال: يا رسول الله أصابْتُه السماءُ، فقال: " ألا جعلته فوق الطعام كيْ يراه الناسُ؟ من غش فليس مني " (أخرجه مسلم في الإيمان ن باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: من غشّنا فليس منا، رقم: ١٠٢. ولفظ " فليس منا " أخرجه في نفس الباب، رقم: ١٠١).

[صبرة طعام: كومة من قمح ونحوه. أصابته السماء: أي المطر النازل من السماء]

فقد دلّ الحديث أن عدم بيان العيب غش، وأنّ من واجب البائع أن يظهر العيب الذي في المبيع ويبيّنه للناس، يؤكد هذا قوله - صلى الله عليه وسلم -: " المسلمُ أخو المسلم، ولا يحلُّ لمسلم باَع من أخيه بيعاً فيه عيب إلا بينه لهُ " (أخرجه ابن ماجه عن

<<  <  ج: ص:  >  >>