للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير أنه إذا أمكن تفادي القتال والمناجزة بوسيلة وسطي بين العناد على الكفر بعد وضوح الأدلة على بطلانه، وبين الدخول في الإسلام تديناً به، وهذه الوسيلة الوسطى، هي الدخول في حكم الدولة الإسلامية والانسجام مع أحكامه التشريعية المتعلقة بالنظام الاجتماعي، وجب المصير إليها، وإقامة سلم بينهم وبين المسلمين على أساسها، على أن يخضع الكافرون لضريبة تدفع إلي إمام المسلمين، تنزل منزلة الزكاة التي يدفعها المسلمون إليه تسمى: الجزية وذلك بناء على شروط معينة سنذكرها بعد قليل إن شاء الله تعالي.

القتال ثالثاً:

فإن رفض الكفار بعد إجراء كل ما سبق، الدخول في الإسلام، ورفضوا الانضواء تحت سلطانه قانوناً ونظاماً، كانت المرحلة الثالثة، وهي القتال، وذلك لصريح قول الله تبارك وتعالي: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ,لا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون} (سورة التوبة: ٢٩)

ولقول ربعي بن عامر لقائد الجيش الفارسي: إن مما سنهُ لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أن لا نمهل الأعداء أكثر من ثلاث، فانظر في أمرك، واختر واحدة من ثلاث بعد الأجل: الإسلام وندعك وأرضك، أو الجزاء ـ أي الجزية ـ ونقبل ونكف عنك وإن احتجت إلينا نصرناك، أو المنابذة ـ أي القتال ـ في اليوم الرابع.

[من هم الذين يخيرون بين الإسلام والجزية؟]

تنقسم فئات الكفار، من حيث الخضوع لحكم الجزية وعدمه إلي طائفتين:

الطائفة الأولي: هم أهل الكتاب هم أهل الكتاب، ومن في حكمهم، فأما أهل الكتاب فهم اليهود والنصارى، وأما الذين هم في حكمهم، فالمجوس، وزاعمو التمسك بصحف إبراهيم وزبور داود عليهما الصلاة والسلام.

الطائفة الثانية: وهم من عدا أولئك الذين ذكرناهم، من سائر الكفار، سواء كانوا ملا حدة، أو عبدة أوثان، أو غير ذلك.

فالطائفة الأولي هي التي تقبل منها الجزية، حين تخير بينها وبين الإسلام وذلك لدلالة الآية السابقة، وحديث ربعي بن عامر المار ذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>