الشرط الأول: أن يعقد الهدنة الإمام أو نائبه، فلا تصح هدنة بين المسلمين وأعدائهم يعقدها واحد من عامة المسلمين، أو من أولي الحل والعقد فيهم، وذلك لما فيها من الخطورة والأهمية، إذ يترتب عليها إنهاء الحرب مع العدو، والانتقال إلي حال السلم، ولو كان السلم مؤقتاً بزمن معين، وإنما يملك إعلان السلم، وتقريره من يملك إعلان الحرب وقيادتها، وهو الحاكم، أو نائبه الأعلى.
الشرط الثاني: أن تنطوي الهدنة مع العدو على مصلحة أكيدة للمسلمين، أيا كان نوع تلك المصلحة، فإن لم ترج مصلحة ما منها للمسلمين، لم تصح ولم تشرع.
الشرط الثالث: أن لا تزيد الهدنة بين المسلمين وعدوهم على عشرة أعوام، إن كان المصلحة منها رجاء تخلص المسلمين من ضعف يعانونه، وأن لا تزيد عن أربعة أشهر إن كانت المصلحة شيئاً آخر غير متعلق بضعفهم.
فلو عقدها لهم الإمام مطلقاً، أي دون تقيد بزمان فسدت، ولم تصح ودليل هذا الشرط ما سبق وذكرنا من صلحه عليه الصلاة والسلام في الحديبية مع قريش، وكان أمد ذلك الصلح عشر سنين وكذلك قول الله عز وجل للمشركين:{فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَأَنَّ اللهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ}(سورة التوبة: ٢).
الشرط الرابع: أن لا يشترط أن لا يشترط الكفار لأنفسهم على المسلمين شرطاً باطلاً. فإن شرطوا لأنفسهم ذلك، ووافقهم الإمام عليه فسدت الهدنة وذلك كان يطلب المسلمون الهدنة، فيشترط الكفار لأنفسهم حق الاحتفاظ بأسري المسلمين، أو يشترطوا على المسلمين التنازل عن بعض أموالهم المنقولة أو غير المنقولة، أو التنازل عن بعض واجباتهم الإسلامية، فإن إقحام شرط من هذا القبيل في عقد الهدنة يفسدها، ويجعلها لاغية لا صحة لها.