ولأن عثمان رضي الله عنه يوم الدار منع عبيده من الدفاع عنه، وكانوا أربعمائة، وقال لهم: من ألقى سلاحه فهو حر، واشتهر ذلك في الصحابة فلم ينكره أحد منهم.
وأما إن كان المصول عليه غير مقصود بالإيذاء أو القتل، بل كان المعتدي يهدف إلى أسرته وأولاده، أو يهدف إلى رعيته وشعبه، فإن المقاومة حينذاك واجبة، لأن المعتدي عليه أمين على أرواح الآخرين، لكونه رب أسرة، أو حاكم أمة.
كيف يدفع الصائل ومتى يذهب دمه هدراً؟
الصائل إما أن يكون معصوم الدم كالمسلم، أو غير معصوم الدم كالمرتد والزاني المحصن، فإن كان غير معصوم الدم، فللطرف المعتدى عليه أن يبدأ مباشرة بقتله، وليس عليه أن ينذر أو يبدأ بالأخف ثم الأشد.
وأما إن كان معصوم الدم كمسلم وذمي ومعاهد، فإن تنبه المعتدى عليه إليه وهو يباشر الجريمة، كتلبسه بالفاحشة، أو قتل بريء فله أن يباشر القتل دون أية مقدمات، وإذا قتل الصائل في هذه الحالة فدمه هدر، لا قصاص فيه ولا دية.
وأما إن تنبه إليه المعتدى عليه وهو يحاول الوصول إلى غايته العدوانية، من قتل أو سرقة أو فاحشة أو نحو ذلك؛ وجب عليه أن يدفع الصائل بالأخف فالأخف، على حسب غلبة الظن، فان أمكن دفعه بكلام واستغاثة حرم الضرب، وإن أمكن بضرب بيد حرم الضرب بسوط، وإن أمكن بالضرب بسوط حرم الضرب بعصا، وإن أمكن بقطع عضو حرم القتل، لأن ذلك جوز للضرورة، ولا ضرورة للأثقل متى ما أمكن بالأخف.
فإن لم يندفع إلا بالقتل فقتله كان دمه هدراً لا قصاص فيه ولا دية، أما إذا