التي شرعا الله تعالى لتقويم السلوك الإنساني بما يتلاءم مع شروط السعادة للمجموعة الإنسانية بوصفها التركيبي المتآلف، وبوصفها أفراداً ينشد كل منهم كرامته وسعادته الشخصية في هذه الحياة.
إن وظيفة الزكاة ـ في نظرة كلية شاملة ـ هي مراقبة الدخل الفردي أن لا يطغى في نموه على ميزان العدالة بين الأفراد، وأن يظل نموه خاضعاً لأساس الاكتفاء الذاتي للجميع، نلاحظ هذا في قوله عليه الصلاة والسلام لأصحابه الذين كان يرسلهم إلى المدن والقبائل:" ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله " ... فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم " أخرجه البخاري (١٣٣١) ومسلم (١٩) وغيرهم.
وهكذا الشريعة الإسلامية، لا تكل الفرد إلى جهده وطاقته الشخصية وحدها في تدبير أمر نفسه وتوفير أسباب اكتفائه، كما لا تكله إلى ضميره الإنساني وحده في مد يد التعاون العادل والتناصر الإنساني إلى أيدي إخوانه، بل إنها ترسي القواعد والنظم التي تمد جهد الفرد ونشاطه الذاتي بعون يضمن له كرامة العيش ومستوى الاكتفاء، وترسي التشريعات الكافية لمراقبة الضمير الفردي أن لا يتمرد وتطغيه نوازع البغي والأنانية، ولضبطه ضمن خط العدل والاستقامة مع الآخرين، ولسوف تبدوا لك هذه الحقيقة إن شاء الله تعالى من خلال سيرك في معرفة أحكام الزكاة، وكيفية جمعها وسبل توزيعها، وما إلى ذلك من الأحكام المتعلقة بهذا الركن الإسلامي العظيم وذي الأهمية البالغة.
[٢ـ معنى الزكاة:]
الزكاة: مأخوذة من زكا الشيء يزكو، أي زاد ونما، يقال: