للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموهوب له بمجرد العقد، لأن الموهوب في قبض الولي فينوب عن قبض الهبة. ويكفي أن يعلم بما وهبه له، وإن أشهد على ذلك فهو أولى، تحرزاً من إنكاره لذلك فيما بعد، أو إنكار الورثة بعد موته.

ومثل الأولياء مَن يكون الصبي وغيره في عياله وحجره ولو كان أجنبياً، فإنه إذا وهبه شيئاً ملكه بالعقد واعتبر وجود الموهوب في يده قبضاً له عن الهبة.

[حكم الهبة]

إذا تم عقد الهبة، بتوفر شروطه: في الواهب والموهوب له والصيغة، والموهوب، وتم القبض للعين الموهوبة بشروطه السابقة، ترتب على ذلك حكم الهبة، وهو: ثبوت الملك للموهوب له في الموهوب من غير عوض. لأن الهبة تمليك العين بلا عوض - كما مرّ معنا - فكان حكمها ملك الموهوب من غير عوض.

[صفة حكم الهبة، وحكم الرجوع فيها]

إن حكم الهبة الذي سبق ذكره يثبت على سبيل اللزوم، بمعنى أنه ليس للواهب أن يرجع بالهبة بعد ثبوت حكمها على النحو الذي سبق.

ويستثنى من ذلك: هبة الأصل للفرع، فإن له حق الرجوع فيها بعد ثبوت حكمها. دلّ على ذلك:

- قوله - صلى الله عليه وسلم -: " العائدُ في هبته كالعائد في قيئه ". وفي رواية: " ليس لنا مثل السوء: الذي يعود في هبته كالكلب يرجع في قيئه " (البخاري في الهبة، باب: لا يحل لأحد أن يرجع في هبته وصدقته، رقم: ٢٤٧٨، ٢٤٧٩. ومسلم في الهبات، باب: تحريم الرجوع في الصدقة والهبة بعد القبض، رقم: ١٦٢٢).

وجه الاستدلال بالحديث: أن الرجوع في القيء حرام، فكذلك ما شبه به وهو الرجوع بالهبة. وذكر الكلب في الرواية الأخرى مبالغة في الزجر والمنع.

ويؤكد هذا أيضاً قوله: " ليس لنا مثل السوء " أي ليس هذا التصرّف من شأننا ولا خلقاً من أخلاقنا، أي فهو محرم علينا.

- وقوله - صلى الله عليه وسلم -: " لا يحل لرجل أن يعطي عطية، أو يهب هبة، فيرجع فيها، إلا الوالد فيما يعطي ولده ". قال الترمذي: وهذا حديث حسن صحيح. (أخرجه

<<  <  ج: ص:  >  >>