للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب - ما رواه مالك والنسائي وأحمد عن عمير بن سَلَمه الضمري عن البهريّ: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج يريد مكة وهو محرم، حتى إذا كان بالروحاء، إذا كان بالروحاء، إذا حمارُ وحشي عقير، فذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: " دعُوهُ، فإنّه يُوشكُ أنْ يأتيَ صاحبُه " فجاء البهري وهو صاحبه، إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله شأنَكُمْ بهذا الحمار. فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر، فقسمه بين الرفاق. (انظر الموطأ: الحج، باب: ما يجوز للمحرم أكله من الصيد. والنسائي: مناسك الحج، باب: ما يجوز للمحروم أكله من الصيد).

قالوا: وهذا الخبر صريح في صحة هبة المشاع، إذ وهب الواحدُ للجميع.

ج - وقالوا أيضاً: القصد من الهبة التمليك، والملك يثبت في المشاع كما يثبت في المُفْرَز المقسوم، بدليل صحة بيعه.

[لزوم الهبة بالقبض]

عقد الهبة لا يكمل ولا يلزم بمجرد الإيجاب والقبول، بل يبقى عقداً غير لازم من قبل الواهب، فيحقّ له الرجوع بالهبة والتصرف بالموهوب ما دام في يده. وعليه فلا يستقر ملك الموهوب للموهوب له إلا بعد القبض.

فإذا حصل القبض بشروطه الآتية فقد تم عقد الهبة وكمل، وأصبح عقداً لازماً، واستقرت فيه ملكية الموهوب له للعين الموهوبة. والدليل على أن الهبة لا تملك ملكاً تاماً إلا بالقبض:

أ - ما رواه الحاكم وصحح إسناده: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما تزوج أُم سلمة رضي الله عنها قال لها: " إنّي أهديتُ إلى النجاشيِّ أوَاقاً من مسْك وحُلة، وإني لا أراه إلا قد مات، ولا أرى الهدية التي أهديت إليه إلا سترد، فإذا ردت إلى فهو أو لكن ". فكان كما قال، هلك النجاشي، فلما ردّت الهدية أعطى كل امرأة من نسائه أوقيَّة من ذلك المسك، وأعطى سائرَه أم سلمة، وأعطاها الحُلَْةَ.

(المستدرك: كتاب النكاح، باب: حق الزوجة على الزوج ٢/ ١٨٨).

فلو كانت الهبة تلزم بدون قبض - والهدية منها - لما رضي - صلى الله عليه وسلم - برجوعها

<<  <  ج: ص:  >  >>