إن الحكمة من مشروعية المساقاة هي تلبية الحاجة الداعية الى ذلك، والتيسير على الناس في تحقيق مصالحهم المشتركة من غير ضرر ولا ضرار، فقد يكون للرجل الأرض والشجر ولا قدرة له على تعهدها والانتفاع بها، ويكون غيره لا ارض له ولا شجر، ولديه القدرة البدنية والخبرة العملية لإصلاح الشجر واستثماره. وفي استئجار من يقوم بالعمل احتمال ضرر بالغ بالمالك، فقد يهمل الأجير العمل، فلا يخرج شئ من الثمر، او يخرج قليل منه لا يقابل الأجر الذي غرمه المالك، وربما غرمه فور التعاقد على العمل. فبهذا العقد ينشط العامل ويندفع للعمل، فربما كان الثمر كثيرا، فينتفع هو مقابل جهده، وينتفع المالك من ثمرة ملكه دون ان يقع عليه ضرر، فتتحقق مصلحة الطرفين، بل مصلحة المجتمع بالانتفاع برزق الله عز وجل، الذي يكون ثمرة الكسب والعمل والبذل، مع الصدق والأمانة والحفظ.
أركانها:
للمساقاة أركان ستة: مالك، وعامل، وصيغة، ومورد، وعمل، وثمر، ولكل منها شروط، وسنبينها مع شروطها بعون الله تعالى.
١ - المالك:
ويشترط فيه أن يكون كامل الأهلية، إن قام بالتعاقد لنفسه، فإن كان المالك غير اهل للتعاقد - كالصبي والمجنون والمحجور عليه لسفه - ودعت الحاجة والمصلحة الى هذا التعاقد، قام بالتعاقد من له ولاية على المالك، او من له ولاية على المِلْك كأن كان المالك غير معين - كمال بيت المال والوقف - قام بذلك ناظر الوقف والحاكم او نائبه.
٢ - العامل:
ويشترط فيه ما يشترط في المالك من الأهلية، فلا تصح اذا كان صبيا او مجنونا.
٣ - الصيغة:
لابد في المساقاة من ايجاب وقبول، فالإيجاب قد يكون بلفظ صريح: كأن يقول ساقيتك على هذا النخيل - مثلا - بكذا من الثمرة، وبلفظ الكناية: كقوله