للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذ الأصل أنه لم يشربه إلا وهو عالم بكونه مسكراً، ومختاراً، فإن تبين أنه أُكره على شربه بتهديد أو جرت الخمر في حلقه، وتبين أنه لم يعلم أنها خمر، لم يجز حده.

ودليل ذلك عموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: " إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه" رواه ابن ماجه في [الطلاق ـ باب ـ طلاق المُكره، والناسي، رقم: ٢٠٤٥] عن ابن عباس رضي الله عنهما.

ولا يدخل في حكم شيء من البيّنات، أو الإقرار: القيء، ولا الإستكناه؛ وهو شم رائحة المسكر من الفم، لاحتمال عذر، من نحو غلط، أو إكراه. وإذا وقع الاحتمال، لم يجز الحد.

لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلّوا سبيله، فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة".

أخرجه أبو داود في [الحدود ـ باب ـ ما جاء في درء الحدود، رقم: ١٤٢٤].

من يتولى تنفيذ الحدّ:

حد الشرب ـ كغيره من الحدود ـ إنما يتولى تنفيذه الحاكم.

فلو لم يعلم الحاكم بالأمر، أو لم يثبت عنده موجب الحد، لم يجُزْ لغيره من عامّة الناس أن يتولى عنه إقامة الحدّ، درءاً للفتنة.

ولا يكلف شارب الخمر، أو مستحق الحدّ، أياً كان أن يعرض نفسه للحدّ أمام القضاء. بل يكفيه أن يتوب توبة صادقة بينه وبين ربه سبحانه وتعالى.

روى البخاري في [المحاربين ـ باب ـ إذا أقرّ بالحدّ ولم يبين، رقم: ٦٤٣٧] ومسلم في [التوبة ـ باب ـ قوله إن الحسنات يذهبن السيئات،

<<  <  ج: ص:  >  >>