وهذا الوصف غير منصوص عليه فيما ورد من نصوص في الباب، وإنما استنتجه الفقهاء من تلك النصوص فقالوا:
إن الأشياء المنصوص عليها في الأحاديث إما أثمان كالذهب والفضة، وإما مطعومات للآدميين كالبر والشعير والتمر والملح. وعليه: فالعلة المعتبرة في كون المال ربوياً هي الثمنية أو الطعم، دون النظر إلى الكيل أو الوزن. فكأن الشّارع قال: ما كان ثمناً أو مطعوماً فلا يُباع بجنسه إلا بشروط.
وإذا ثبت هذا:
فكلّ ما يجري التعامل به من الأثمان، ويقوم مقام الذهب والفضة، كالعملات الرائجة الآن، يُعتبر مالاً ربوياً ويجري فيه الربا إلحاقاً بالذهب والفضة. وكل مطعوم يطعمه الآدميون غالباً فهو مال ربوي يجري فيه الربا، سواء أكان يُتناول قُوتاً كالأرز والذرة إلحاقاً بالبر والشعير، أو تفكّهاً كالزبيب والتين ونحوهما إلحاقاً بالتمر، أو تداوياً وإصلاحاً للغذاء أو البدن كالزنجبيل والمصطكي ونحوهما إلحاقاً بالملح.
وكل ما ليس بثمن أو مطعوم للآدميين من الأشياء فليس بمال ربوي. ومن ذلك سائر المعادن غير الذهب والفضة، والأقمشة وغيرها، وما كان في الغالب قوتاً لغير الآدميين. فلا يعتبر التعامل في كل ذلك تعاملاً ربوياً.
ولا فرق في كل ما سبق بين أن يكون مقدراً بكيل أو وزن أو غير ذلك.
أنواع الربا وحكم كلّ منها:
حين يبحث الفقهاء في التعامل الربوي يبحثون - غالباً - في بيع الأموال الربوية التي مرّ ذكرها بعضها ببعض: من حيث زيادة أحد البدلين على الآخر، ومن حيث وجود الأجل في التعامل وعدمه، كما يعلم من تعريفهم السابق للربا. وبناء على ذلك يقسمون الربا إلى أنواع:
١ - ربا الفضل: أي الزيادة، وهو بيع المال الربوي بجنسه مع زيادة في أحد العوضين. كأن يبيعه مُدّ قمح بمُدَّيْن منه، أو: مائة غرام من ذهب بمائة وعشرة منه، أو أقل أو أكثر.