ولا بد من اشتراط كون المأخوذ من المال بالغاً نصاب السرقة، وهو ربع دينار فصاعداً، أو ما يساوي ذلك ذلك، فإن لم يبلغ هذا المقدار عزره القاضي بما يراه مناسباً من عقوبات التعزير.
والفرق بين المحارب والسارق أن السارق يأخذ المال خفية، أما هذا فيضيف إلى ذلك قطع الطريق والتخويف، معتمداً على القوة والشوكة، وعلى بعد الضحية عن المدينة والناس.
وأما القسم الرابع ـ وهم الذين يخيفون المارة، دون أن يأخذوا منهم مالاً أو أن يعتدوا منهم على حياة ـ فجزاؤهم عقوبة من عقوبات التعزير من نفي أو حبس أو غير ذلك، والأمر في ذلك راجع إلى الإمام، ولا يقدر الحبس بمدة، وللإمام أ، يعفو عن هؤلاء إن رأي مصلحة في العفو عنهم.
[الدليل على حكم هذه الأقسام]
الأصل في أحكام باب الحرابة، والدليل على ما ذكرناه قوله تعالى:{إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}(المائدة: ٣٣).
فالقتل وحده منصرف إلى الحالة الثانية، وهي ما إذا كان هناك قتل ولم يكن استلاب للمال، والقتل مع الصلب منصرف إلى الحالة الأولى، وهي ما إذا كان قتل واستلاب مال، وقطع اليد والرجل منصرف إلى الحالة الثالثة، وهي ما إذا كان هناك أخذ مال ولم يكن اعتداء على حياة، والنفي من الأرض منصرف إلى الحالة الرابعة، وهي ما أذا كان هناك إخافة دون قتل واستلاب مال.
[متى يسقط حد الحرابة؟]
هذه العقوبات التي ذكرناها تسقط في حالة واحد، وهي أن يتوب الجاني المحارب قبل أن تمتد إليه يد الحاكم، لهرب أو اختفاء أو لعدم شعور الحاكم به، فإذا تاب هذا الجاني قبل أن يقع في قبضة القضاء، سقطت عنه العقوبات المختصة بقطاع الطريق "أي الحرابة" وهي تحتم القتل والصلب وقطع اليد والرجل