الصالحون، فإن شئت فتقدم وإن شئت فتأخر ولا أري التأخر إلا خيراً لك والسلام)
[فتقدم: أي اقض. باجتهادك. فتأخر: توقف لتراجعني وتري رأيي]
والأحاديث واضحة في أن القاضي يلتزم في قضائه بما جاء في كتاب الله وسنة رسوله، وما أجمع عليه علماء المسلمين، ثم يعم رأيه بعد ذلك لاستخراج الحكم الصحيح والوصول إلي الحق الواضح.
[مكان جلوس القاضي ونزوله]
ويستحب للقاضي أن ينزل وسط البلد إذا ما وصل إليه، ليتساوي أهله في القرب إليه، ويسهل عليهم الرجوع إليه، إذا كان هناك متسع لذلك، وإلا نزل حيث تيسر له، هذا إذا لم يكن في البلد موضع معين لنزول القاضي، والجلوس فيه.
كما يسن للقاضي أن يدخل البلد نهاراًَ ويقصد الجامع فيصلي فيه ركعتين، ثم يذهب إلي مكان عمله، ويرسل منادياً ينادي: من كانت له حاجة فإن القاضي قد حضر، فينظر بعدئذ ما يرفع إليه من الأمور، وبهذا يكون قد أخذ في العمل واستحق رزقه.
فيم ينظر القاضي أولاً؟
ـ ينظر القاضي أولاً في أمر المسجونين، لأن الحبس والسجن عذاب، فينظر في أمرهم هل يستحقون السجن، أو لا؟
وكيفية النظر في أمر المسجونين أن يعلم الناس أنه ينظر في أمرهم يوم كذا، وقد كان قديماً يرسل منادياً ينادي في البلد: ألا إن القاضي فلاناً ينظر في أمر المسجونين يوم كذا، فمن كان له محبوس فليحضر.
فمن قال من أهل الحبس: حبست بحق، أو ثبت له أنه حبس حق، فعل به ما يقتضي ذلك الحق، فإن كان الحق حداً أقامه عليه، وأطلق سراحه، وإن كان تعزيزاً فعل به ما يري، وإن كان مالاً أمره بأدائه.
ومن قال حُبست ظلماً طلب من خصمه الحجة، فإن لم يقم الحجة صدق