عقد العاريَّة عقد جائز من الطرفين، أي يحقّ لكِّل من المعير والمستعير فسخه متى شاء ولو بغير علم الآخر ولا رضاه، فيحق للمعير ان يرجع بالعارية ويسترد العين المستعارة متى شاء، حتى ولو كانت الإعارة مؤقتة بوقت لم ينته بعد. وكذلك يحق للمستعير ان يردها ايضا متى شاء. ولا يلزم أي منهما باستمرار الإعارة، لأنها مبرة من المعير وارتفاق من المستعير، فلا يناسبها الإلزام لأي منهما.
ويستثنى من ذلك ما اذا استعار ارضاً لدفن ميت، فليس لأحدهما فسخ الإعارة في الأرض المدفون فيها، فلا يحق للمعير استرداد الأرض ولا للمستعير ردها، حتى يبلى المدفون ويندرس أثره، بأن يصير ترابا ولا يبقى منه شئ ظاهر. وذلك لأن الدفن كان بإذن. وفي النبش هتك حرمة الإنسان، ولا يلزمه اجرة على أي حال في هذا.
وكذلك يستثنى ما إذا أذن المعير في شغل المستعار بشئ يتضرر المستعير بالرجوع فيه، كما لو اعاره سفينة لنقل بضاعة وطالبه بها في لجّة البحر، او أعارة سيارة لذلك وطالبه بها في موضع لا يستطيع فيه تحصيل غيرها، كالصحراء مثلا، ففي هذه الأحوال لا يلزم المستعير رد العين المستعارة، وله ان يستمر بالانتفاع بها حتى يتمكن من ردها بغير ضرر، ولكن يلزمه في هذا وامثاله اجرة المثل من حين الطلب الى حين الرد.
[الرجوع بالأرض المعارة واستردادها:]
إعارة الأرض إما أن تكون للبناء والغراس، وإما أن تكون للزراعة:
فإن اعاره للبناء او الغراس: ثم رجع المعير عن الإعارة بعد البناء او الغراس، يُنظر:
- فإن كان المعير قد شرط على المستعير ان يقلع ما بناه او غرسه عند الرجوع بالإعارة وجب عليه ذلك عملا بالشرط، لقوله صلى الله عليه وسلم:"المسلمون على شروطهم". فإن امتنع من ذلك قلعه المعير.