ينافي غرض الإسلام وحرصه على أن يصل كل إنسان إلي حقه، من غير نزاع ولا صراع، فكان تشريع الشهادة تلبية إذاً لحاجة مقصودة، ومصلحة أكيدة.
[اختلاف الشهادات من حيث عدد الشهود]
الحقوق المشهود بها نوعان: حق الله، وحق العباد.
[النوع الأول: حق الله تعالي]
وهذا النوع من الحقوق لا يقبل فيه شهادة النساء، بل لا بد فيه من شهادة الرجال، لأن شهادة النساء لا تخلو من شبهة النسيان والخطأ، وهذه حقوق يؤخذ فيها بالاحتياط.
وحقوق الله هذه ثلاثة أضرب:
الضرب الأول: لا يقبل فيه أقل من أربعة شهود، وهو الزنى. قال الله تعالى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً}(سورة النور: ٤) فقد رتب سبحانه وتعالى الجلد على عدم الإتيان بأربعة شهداء، فدل بذلك على أن الزني لا يثبت بأقل منهم.
وقال عز من قائل، في حادثة الإفك:{َوْلَا جَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاء فَأُوْلَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ}(سورة النور: ١٣).
دل ذلك على أن نصاب الشهادة في الزني أربعة من الذكور.
وبيّن هذا حديث مسلم [١٤٩٨] في كتاب اللعان، أن سعد بن عبادة رضي الله عنه، قال: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " نعم "، قال: كلا والذي بعثك بالحق، إن كنت لأعاجلنه بالسيف قبل ذلك، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " اسمعوا إلي ما يقول سيدكم، إنه لغيور، وأنا أغير منه، والله أغير مني ". وقال ذلك عندما نزل:{والذين يرمون المحصنات .... } ثم نزلت آيات اللعان فسحة للأزواج.