للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في مثل هذه الحال لا تعدو أن تكون جائزة، فإن شاء أن يستسلم ويترك للصائل المال، فله ذلك، وإن شاء أن يدفع الصائل فله ذلك أيضاً.

هذا إذا كان المصول عليه مالكاً لهذا المال، وأما إذا لم يكن مالكاً له، بل كان أميناً عليه لأصحابه، كرئيس الدولة ونوابه والقائمين على حراسة أراضي المسلمين وممتلكاتهم، كالجيش والجند، فيجب عليهم مقاومة الصائل ورده، لأن الأمين على مال غيره ملزم بالمحافظة عليه، ولا يملك التبرع به.

[الصيال على البضع:]

وإن كان الصيال على بضع، فإن الرد والمقاومة ودفع الصائل تجب عندئذ أيا كان الصائل، مسلماً أو كافراً، قريباً أو غريباً، لأنه لا سبيل إلى إباحته، ومثل البضع مقدماته.

[الصيال على النفس:]

وإن كان الصيال على النفس نظر، فإن كان الصائل كافراً وجب رده، فإن تراخى عن ذلك باء بالإثم والعصيان، لأن الاستسلام للكافر ذل في الدين.

وكذلك يجب الدفع إذا كان الصائل بهيمة، لأنها تذبح لاستبقاء الآدمي، فلا وجه للاستسلام لها.

وكذلك يجب الدفع إن كان الصيال على عضو أو على منفعة عضو.

وأما إن كان الصائل مسلماً وكان المصول عليه هو المقصود بالإيذاء والقتل، فإن الرد والمقاومة تكون عند ذاك جائزة ليست بواجبة، إذ له أن يضحي بحياته في سبيل أن يحقن دم أخيه المسلم ولو كان معتدياً عليه، بل استحب بعض الفقهاء ذلك لما رواه أبو داود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "فليكن كخير ابني آدم". (سنن أبي داود [٤٢٥٩] في الفتن والملاحم، باب: في النهي عن السعي في الفتنة؛ كما أخرجه الترمذي وابن ماجه في الفتن أيضاً). يعني قابيل وهابيل، أي كن كالذي لم يبسط يده إلى أخيه بالقتل وهو هابيل، ولا تكن كالمعتدي القاتل وهو قابيل، ولقد قص الله علينا قصتهما في القرآن الكريم إذ قال: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>