للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأمانة لفظ عام، يتناول كل ما استُحفظ عليه الإنسان من دين او عين، والائتمان على العين هو الوديعة. وأداؤها يعني: ان يكون المؤتمن موضع حسن ظن من ائتمنه، فيحفظ ما استودع عنده او اؤتمن عليه، ويرده على صاحبه.

والأمر بردّ الأمانات وحفظها يتضمن الإخبار بمشروعيتها.

وأما السنّة:

فما رواه ابو هريرة رضى الله عنه: ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أدّ الأمانة الى مَن ائتمنك، ولا تُخن مَن خانك". (اخرجه ابو داود في البيوع والاجارات، باب: في الرجل يأخذ حقه من تحت يده، رقم: ٣٥٣٥. والترمذي في البيوع، باب: حدثنا ابو كريب .. ، رقم: ١٢٦٤).

ووجه الاستدلال بالحديث هو نفس الاستدلال بالآيتين.

وروى انه صلى الله عليه وسلم كانت عنده ودائع لأهل مكة، فلما أراد الهجرة اودعها عند ام ايمن بركة الحبشية رضى الله عنها، وامر عليا ان يردّها على أصحابها.

وأما الإجماع:

فقد اتفق علماء المسلمين في كل عصر - من لدن الصحابة رضى الله عنهم الى يومنا هذا - على ان الوديعة جائزة ومشروعة.

[حكمة مشروعيتها]

واضح ان الحكمة من مشروعية الوديعة هي التيسير على المسلمين، وتحقيق مصلحتهم ودفع الحرج والضرر عنهم، فهم في حاجة شديدة لأن يستعين بعضهم ببعض لحفظ امواله، وصيانة امتعته:

فقد يكون لدى أحدهم مال، ولا يكون عنده موضع امين يحفظه فيه، او يكون عاجزاً عن دفع الأيدي الآثمة عنه، ويكون هناك مَن عنده حرز لحفظ هذا المال، ولا يُصطلي له بنار، فلا يجرؤ أحد من السفهاء أن يقترب من داره او مخزنه، فيستودعه ماله.

وقد يكون أحدهم يريد سفراً لقضاء مصالحه، ولا يأمن أن يترك ماله وما لديه دون رعاية أو اشراف.

<<  <  ج: ص:  >  >>