ولعلّ الحكمة من هذا التحريم- عدا التعبّد - ما في لبس الحرير من الخيلاء والكِبَر، وما فيه من التأنّث والتخنّث، والبعد عن صفات الرجولة، فإن الرجل لم يخلق لينشأ في الحلية، ويختال بأثواب الزينة، ويظهر بمظهر النعومة والليونة، المُفْضية إلى التشبّه بالنساء، والقعود عن عظائم الأمور، وإنما خُلِق للحياة، يعارك الصعاب، ويقوم بالمهمات، ويصبر في الملمّات، وهذا يتطلب نوعاً من الخشونة، والبعد عن الليونة، والترف والتخنث والميوعة.
[ما استثنى من هذا التحريم:]
يستثنى من هذا التحريم للحرير على الرجال حالتان:
الحالة الأولى:
حالة الضرورة، وهي ما إذا كان لم يجد غيره، لستر عورته، أو وقاية جسمه من الحر، أو البرد، فإنه عندئذٍ يُباح لبس الحرير، ريثما يجد غيره، لأن الضرورات تُبيح المحظورات، والضرورة تقدر بقدرها.
الحالة الثانية:
الحاجة إلى لبسه، لدفع ضرر، كما إذا كان في الإنسان مرض، وكان لبس الحرير يُسارع في شفائه، أو يخفف من آلامه.
ودليل ذلك ما رواه البخاري في [اللباس- باب - ما يرخص للرجال من الحرير للحكّة، رقم: ٥٥٠١] ومسلم في [اللباس والزينة -باب - إباحة لبس الحرير للرجل إذا كان به حكّة أو نحوها، رقم: ٢٠٧٦] واللفظ له، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (رخّص لعبدالرحمن بن عوف، والزبير بن العوّام رضي الله عنهما في القُمُص الحرير في السفر من حكّة كانت بهما، أو وجع كان بهما).