إذا كان الوكيل يمكنه القيام بما وُكِّل فيه، وكان مما يليق بأمثاله القيام به، فليس له أن يوكّل غيره بدون إذن الموكِّل، لأن الموكِّل رضى بتصرفه ولم يرضَ بتصرّف غيره، ولا ضرورة لذلك.
فإن كان لا يتأتى منه القيام بما وُكِّل فيه، إما لأنه لا يحسنه وإما لأنه لا يليق به، فله عندئذ أن يوكّل غيره بالقيام بذلك، لأن تفويض مثل ذلك إليه من الموكّل بقصد منه إنابته عنه في توكيل مَن يقوم بما أسنده إليه.
وإذا كان الموكل فيه مما يحسنه ويليق به، ولكنه كثر حتى عجز الوكيل عن الإتيان بكله، جاز له أن يوكّل فيما زاد من قدرته على الأصح، لأن الضرورة دعت إليه.
وحيث جّوزنا للوكيل أن يوكِّل - عن نفسه أو عن الموكّل - اشترط أن يوكِّل اميناً رعاية لمصلحة الموكِّل، إلا إن عين الموكّل أحداً غير أمين، فله توكيله اتباعاً لتعيين الموكّل.
وهل الوكيل الثاني وكيل الموكِّل، أو وكيل الوكيل الاول؟ والجواب:
? إذا قال: وكِّل عن نفسك، فالثاني وكيل الوكيل، فللأول أن يعزله، كما أنه ينعزل بعزل الموكل للوكيل الأول، أو بعزل الوكيل الأول لنفسه، لأنه تبع له.
? وإن قال: وكِّل عنّي، أو أذن له بالتوكيل مطلقاً، فالوكيل الثاني وكيل للموكل، فلا يملك أحد الوكيلين عزل الآخر، وللموكّل عزل أيّهما شاء فلا ينعزل الثاني بانعزاله.