في الحديث السابق، والحكمة من عدم إقامة الحد على الصبي والمجنون أنه لا إيذاء في قذفهما. وأما السكران المتعدي بسكره فهو كالمكلف، فإنه يقام عليه الحد.
الثالث: أن لا يكون أصلاً للمقذوف، كالأب والجد مهما ارتفع، وكالأم والجدة مهما علت، فلا يحد هؤلاء بقذف الولد وإن سفل، كما أنهم لا يقتلون به كما مر ذلك في مبحث الجنايات، وكذلك لا يحدون بقذف من ورثه الولد، ولم يشاركه فيه غيره، كما لو قذف امرأة له منها ولد ثم ماتت، لأنه إذا لم يثبت له ابتداء لم يثبت له انتهاء كالقصاص.
أما لو كان لها ولد من غيره، فإنه لا يسقط عنه حد القذف، وحيث قلنا إنه لا يجب فيحقه حد القذف، لا يسقط ذلك عنه عقوبة التعزير، بل يعزر بما يراه الحاكم عقوبة لذلك.
الرابع: أن يكون مختاراً، فلا حد على من أكره على القذف، لقوله عليه الصلاة والسلام:"رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه
. (سنن ابن ماجه [٢٠٤٣ - ٢٠٤٥] الطلاق، باب: طلاق المكره والناسي). ولأنه لم يقصد الأذى بذلك لإجباره عليه، وكذلك لا يجب على المكره لأنه لا يسمي قاذفاً.
الخامس: أن يكون عالماً بالتحريم، فلا حد على جاهل بحكم القذف، لقرب عهده بالإسلام، أو لبعده عن العلماء، أما لو كان عالماً بالتحريم، ولكنه يجهل وجوب الحد، فلا يعفيه جهله هذا من إقامة الحد عليه.
- الشروط الخمسة في المقذوف هي:
الأول: أن يكون المقذوف مسلماً.
الثاني: أن يكون بالغاً.
الثالث: أن يكون عاقلاً.
الرابع: أن يكون عفيفاً، بأن لا يكون قد ثبت عليه الزنى من قبل.
الخامس: أن لا يكون قد أذن المقذوف بقذفه. فإن الإذن وإن كان لا يسوغ القذف ولا يبيحه، إلا أنه يجعل في القذف شبهة، وفي الحديث "ادرؤوا الحدود