استوفت الدعوى هذه الشروط كلها صحت وسمعها القاضي، ثم سأل المدى البينة بعد ذلك على صحة دعواه، فإن أثبتها حكم له بمدعاه.
[ما يتوقف فيه الحكم على الدعوى وما لا يتوقف]
أفعال المكلفين من حيث تعلق الأحكام الشرعية بها أربعة أقسام:
القسم الأول: أحكام شرعت والمقصود بها مصلحة المجتمع، فحكمها أنها حق خالص لله تعالى، وليس للمكلف فيها خيار، وتنفيذ هذه الأحكام عائد إلي ولي الأمر، ولا يتوقف الحكم فيها على دعوى عند القاضي. ومثالها:
١ - العبادات المحضة كالصلاة والصيام والحج وما تستند إليه هذه العبادات، من الإيمان والإسلام، فإن هذه العبادات إنما قصد بتشريعها إقامة الدين، وإقامته ضروري لنظام المجتمع.
٢ - العبادات التي فيها معنى المؤونة، كالزكاة وصدقة الفطر، فإنها عبادة من جهة أن المكلف يتقرب بها إلي الله تعالى، وفيها معنى الضريبة على المال أو النفس من جهة أخري.
٣ - الضرائب التي فرضت على الأرض الزراعية، سواء كانت عشرية أو خراجية، فإن المقصود من هذه الضرائب صرفها في مصالح المجتمع.
٤ - الضرائب التي فرضت فيما يغنم بالجهاد، أو فيما يوجد في باطن الأرض من الكنوز والمعادن.
٥ - أنواع من العقوبات الكاملة، وهو حد الزنى، وحد السرقة، وحد البغاة الذين يحاربون الله ورسوله، ويسعون في الأرض فساداً.
٦ - نوع من العقوبات القاصرة، وهي حرمان القاتل من الميراث، وسميت قاصرة، لأنها ليست بعقوبات جسدية، ولا مالية، وإنما هي منع له من حق كان يستحقه لو لم يقتل.
٧ - عقوبات فيها معنى العبادة: ككفارة اليمين والظهار والقتل الخطأ، فإن فيها معنى العبادة، لأنها تؤدي بما هو عبادة من صوم وصدقة وتحرير رقبة.