للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه الحكم على دعوى، ولا يملك المقذوف أو المقذوفة حق إسقاطه والعفو عن القاذف إذا ثبت القذف عند القاضي لا يشترط لإقامة حده دعوى عنده.

[بيان أن البينة علي المدعى واليمين على من أنكر]

قلنا: إن البينة إنما هي الشهود وسموا بذلك لأن الحق يستبين بشهادتهم ويظهر، وإنما يكلف بإقامة البينة المدعى، الذي يدعي حقاً على غيره ليثبت دعواه، وإنما جعلت البينة عليه لأن جانبه ضعيف، إذ إنه يدعى خلاف الأصل، إذ الأصل في الناس براءة ذممهم حتى تثبت إدانتهم. لذلك كلف المدعى بالبينة، وهي حجته في ثبوت حقه.

واليمين وهو الحلف بالله تعالى، أو بصفة من صفاته، وقد جعله الدين على المدعى عليه، ينفي به الدعوى عن نفسه، وإنما كلف المدعى عله باليمين، لأن جانبه قوي، إذ هو مؤيد بالبراءة الأصلية: كما قلنا، فاكتفي منه باليمين، وهو حجة ضعيفة.

ودليل هذا التوزيع بين المدعى والمدعى عليه، قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " البينة على المدعى واليمين علي من أنكر ". (رواه البيهقي) [٨/ ١٢٣] في القسامة.

وقد سبق حديث البخاري [٤٢٧٧] ومسلم [١٧١١] عن ابن عباس رضي الله عنهما: " ... ولكن اليمين على المدعى عليه ".

وحديث مسلم [١٣٨] عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: " البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه ". وقد مر تخريج هذه الأحاديث.

فإذا أقام المدعى البينة على دعواه، حكم له القاضي، وليس له أن يطلب من المدعى عليه أن يحلف على نفي الدعوى، وليس للمدعي عليه أن يطلب من القاضي أن يحلف المدعى بعد إقامة البينة، لأن في ذلك تكليف المدعى أن يقيم حجة بعد حجة.

<<  <  ج: ص:  >  >>