فإذا وهبه ثمراً على رأس الشجر: فإن كان مما يغلب تلاحقه واختلاط حادثة بالموجود فلا يصح، لتعذر تمييزه. وإن لم يكن كذلك فإنه يصح.
هذا فيما كان متصلاً بغيره.
أما إن كان مشغولاً بغيره، كدار فيها متاع للواهب أو دابة عليها حمل له، أو شجر عليه ثمر، فإن هبة ذلك كله جائزة وصحيحة، لأن تمييز الموهوب على غيره ممكن، ولا عصر فيه ولا ضرر ولا غرر. ولأن بيع ذلك جائز وصحيح.
[هبه المشاع]
وذلك: بأن يكون لإنسان حصة غير معينه في شيء، فيهبها لآخر. أو يكون مالكاً لشيء فيهبه لأثنين أو أكثر. فالهبة جائزة وصحيحة، ويكون القبض في الموهوب بقبض الموهوب له جميع العين، فيستوفي حقه بمقدار حصته منها، ويكون باقيها أمامها في يده كالوديعة والحجة بهذا:
أ- ما رواه البخاري ومسلم عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: كنت يوماً جالساً مع أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في منزل في طريق في مكة، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - نازل أمامنا، والقوم محرمون وأنا غير محرم، فأبصروا حماراً وحشياً، وأنا مشغول أخصف نعلي فلم يؤذنني به، وأحبّوا لو أني أبصرته، والتفت فأبصرته، فقمت إلى الفرس فأسرجته، ثم ركبت ونسيت السوط والرمح، فقلت لهم: ناولوني السوط والرمح، فقالوا: لا والله لا نعينك عليه بشيء فغضبت فنزلت فأخذتهما، ثم ركبت فشددت على الحمار فعقرته، ثم جئت به وقد مات، فوقعوا فيه يأكلونه، ثم إنهم شكّوا في أكلهم إياه وهم حُرُم، فرحنا، وخبأت العضد معي، فأدركنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسألناه عن ذلك، فقال:(معكم منه شيء؟ ) فقلت: نعم، فناولته العضد، فأكلها حتى نفدها، وهو محرم (البخاري: الهبة، باب، من استوهب من أصحابه شيئاً، رقم: ٢٤٣١. ومسلم: الحج، باب: تحريم الصيد للمحرم، رقم: ١١٩٦).
فهذا الحديث دليل على جواز هبة المشاع، لأن أبا قتادة هو الذي ملك الصيد، ووهب أصحابه حصصاً شائعة منه، وأقراهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فعلهم.