لا خلاف أن زكاة النقد إنما تخرج نقداً، ولا يصح للمالك أن يخرج بدلها سلعاً تساوي قيمتها المقدار الواجب فيها.
وإذا دفعها المالك لغيره، من حاكم أو وكيل أو غيره، فليس لهؤلاء أن يتصرفوا فيها تصرفاً يخرجها عن طبيعتها قبل إيصالها إلى مستحقيها. قال النووي رحمه الله تعالى:(قال أصحابنا: لا يجوز للإمام ولا للساعي بيع شيء من مال الزكاة من غير ضرورة، بل يوصلها إلى المستحقين بأعيانها، لأن أهل الزكاة أهل رشد لا ولاية عليهم، فلم يجز بيع ما لهم بغير إذنهم) المجموع [٦: ١٧٦]
وهذه الضرورة التي ذكرها النووي رحمه الله تعالى: كما إذا خاف على الزكاة الواجبة تلفاً أو فساداً إذا أبقاها حتى تصل إلى مستحقيها، أو احتاج إلى مؤونة في نقلها، فباع جزءاً منها لذلك.
وعليه: تلفت نظر المشرفين المخلصين على الجمعيات الخيرية إلى أنه: لا يجوز لهم أن يتصرفوا بما يدفع إليهم من أموال على أنها زكاة فيشتروا بها سلعاً غذائية وغيرها، يعطونها للمستحقين، بحجة الإشفاق عليهم ورعاية مصلحتهم، حتى لا يأخذوا الأموال ويتصرفوا بها تصرفاً ليس في صالحهم وصالح أولادهم وعيالهم. ونحن ننصح لهؤلاء المخلصين، إذا كانوا حريصين على الأجر والثواب، أن لا ينصبوا أنفسهم مشرعين، وأن لا يصوروا المصلحة في شرع الله تعالى كما يبدو لهم، وأن لا يجعلوا من أنفسهم أولياء على من لم يجعل الله عز وجل لهم ولاية عليهم، وأن يلتزموا ما نقله النووي رحمه الله تعالى عن العلماء الأجلة: من أن أهل الزكاة أهل رشد لا ولاية عليهم، فلا يجوز