أما إذا كان الوقف على غير معين: كالوقف على الفقراء، أو على المسجد، فلا يشترط لصحة هذا الوقف القبول، لتعذّر ذلك.
[انتفاع الواقف من وقفه:]
ليس للواقف أن ينتفع بشئ من وقفه - كما سبق وقلنا: ليس له أن يقف على نفسه - لأن الوقف إخراج لملكية الموقوف من ملك الواقف، وكذلك منافعه، ولكن العلماء استْثَنْوا من هذا، ما لو وقف مُلكه مسجداً أو مقبرة، أو بئراً، فله أن يكون كباقي المسلمين في الانتفاع من هذا الموقوف. وعليه يصحّ له أن يصلّي في ذلك المسجد الذي وقفه، وأن يشب من ماء تلك البئر، وأن يُدفن في المقبرة أيضاً.
ودليل هذا حديث عثمان - رضي الله عنه -، قال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قدم المدينة، وليس بها ماء يستعذب، غير بئر رُومة، فقال:" من يشتري بئر رومة فيجعل فيها دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة " فاشتريتها من صلب مالي.
رواه الترمذي (٣٧٠٤) بسند حسن، في (المناقف)، باب (مناقب عثمان)، ورواه النسائي (٦/ ٢٣٥) في (الأحباس)، باب (وقف المساجد)، ورواه البخاري (٢٦٢٦) تعليقاً في (كتاب الوصايا)، باب (إذا وقف أرضاً أو بئراً، أو اشترط لنفسه مثل دِلاء المسلمين).
وبئر رومة: كانت ليهودي في المدينة يبيع ماءها للمسلمين، كل قربة بدرهم، فاشتراها عثمان - رضي الله عنه -، ووقفها على المسلمين، على أن له أن يشرب منها، كما يشربون.
[لزوم الوقف، وما يترتب عليه من أحكام:]
الوقف من العقود اللازمة، التي يترتب عليها آثارها بمجرد إنشاء العقد الصحيح، وليس هو كالوصية، فإنها عقد جائز.