نحوها حيث يجتمع الناس، ويكثر منه في موضع وجودها، لأن الغالب ان يطلبها فاقدها فيه.
ويكره ان يعرفها في المسجد، لما فيه من رفع الصوت والتشويش على المصلّين والذاكرين فيه، وقد ورد الزجر عن هذا بقوله صلى الله عليه وسلم:"مَن سمع رجلاً ينشد ضالة في المسجد فليقل: لا ردّها الله عليك، فإن المساجد لم تُُبّنْ لهذا". (اخرجه مسلم: في المساجد، باب: النهي عن نشد الضالة في المسجد ... ، رقم: ٥٦٨).
ويستثنى من هذا المسجد الحرام، فإنه يجوز فيه، لأن من ينشدها في غيره متّهم انه يفعل ذلك من اجل ان يتملك اللقطة بعد تعريفها، وهذا المعنى غير موجود فيمن ينشد لقطة المسجد الحرام، لأن تعريفها لمصلحة مالكها وحفظها، اذ ان الملتقط ليس له تملّكها كما علمت.
هذا والذي نراه أن هذا الكلام لا ينطبق على النداء على الضالة بالمكبرات الصوتية في هذه الأيام، التي ينادي بها للصلوات، لأن الصوت لا يكون في المسجد، وكل ما هنالك هو استعانة بهذه المكبرات لأنها توصل النداء الى أمكنة لا تصل إليها أصوات الناس، ولعل الحاجة داعية الى ذلك ولاسيما في المدن التي اتّسعت رقعتها، وكثر ساكنوها، مع كثرة الانتقال بين احيائها وبقاعها. فلا داعي لاستنكار هذا النداء وان كان الأوْلى الاستغناء عنه، اللَّهمّ إلا إذا كان نداءً من أجل ضياع طفل او طفلة، فإننا نرى أنه قد يكون واجباً، لما فيه من إحياء النفس، ودفع ترويع اهله عليه، وكفكفة دمعه الذي قد يطول حتى يعثر عليه اهله لولا هذا النداء، والله تعالى أعلم.
[نفقة التعريف]
للملتقط ان يقوم بالتعريف بنفسه وله ان يقوم به بغيره، فإن احتاج الى نفقة كانت هذه النفقة على المالك، لأنه لمصلحة ملكه، فإما أن يدفعها القاضي من بيت المال، وإما أن يقترض من الملتقط أو غيره على المالك، أو يأمر الملتقط بدفعها ليرجع بها على المالك، او يبيع جزءاً منها في ذلك، فإن أنفق الملتقط من ماله دون إذن الحاكم كان ذلك تبرعاً منه، لا يلزم به المالك إن ظهر.