للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمر رضي الله عنه أنه قال: (ردّوا الخصوم حتى يصطلحوا، فإن فصل القضاء يورث الضغائن). قال ذلك في حضور الصحابة رضي الله عنهم، ولم ينكر عليه أحد منهم، فكان ذلك إجماعاً ذلك منهم على مشروعية الصلح.

[حكمة مشروعيته]

الإسلام دين الوحدة والأُخوة، والتعاون والتضامن، ونبذ التفرقة وأسبابها وما يؤدي إليها، قال تعالى: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ) (آل عمران: ١٠٣).

ولذا نجد شرع الله تعالى يحثّ الناس على أداء الحقوق لأصحابها، لأن الإخلال بذلك هو الغالب في إثارة الخصومة والنزاع، فقال تعالى: (وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة: ١٨٨). وفي موضع آخر قرن بين ذلك وقتل النفس بغير حق، لأنه غالباً ما يؤدي إليها، قال تعالى

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً) (النساء: ٢٩) ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحذر من التباغض والتنازع، لأن نتيجة ذلك التقاتل الذي قد يعود بالناس إلى الكفر، فيقول: ((لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تقاطعوا، وكونوا عباد الله إخواناً) ويقول: ((لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض)).

(البخاري: العلم، باب: الإنصات للعلماء، رقم: ١٢١، والأدب، باب: ما ينهي عن التحاسد والتدابر، رقم ٥٧١٨. مسلم: الإيمان، باب: بيان معنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ولا ترجعوا بعدي كفاراً .. ، رقم ٦٥، والبر والصلة والآداب، باب: تحريم التحاسد والتباغض والتدابر، رقم ٢٥٥٩).

ويحثَ الناس على ما يمتِّن عرى المحبة بينهم ويزيل بواغث الشقاق، فيحثّهم على التسامح بدل التشاحح، وعلى التواصل بدل التقاطع، فيقول عليه الصلاة والسلام: ((رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع وإذا اشترى، وإذا قضى أقتضى)) أحرجة البخاري في البيوع، باب: السهولة والسماحة في الشراء والبيع، رقم ١٩٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>