الكفر في الأصل، ويظهر هذا العجز الحكمي، بفقدان أهليه التملك، وفقدان الحقوق المدنية.
[الحكمة من مشروعية الرق:]
عرفت أن حكم الاسترقاق والمن والفداء داخل في أحكام السياسة الشرعية، ومنوط برأي الحاكم المسلم، يراعي فيه المصلحة العامة للمسلمين.
والحكمة في أن يتخذ الاسترقاق محله بين هذه الخصال التي يخير بينها هي أنه سلاح موجود في أيدي الأعداء بالنسبة لأسرانا عندهم.
فكان من أسس العدالة أن يملك المسلمون هذا السلاح نفسه، ثم يعطي الحاكم صلاحية استعماله، بمجرد أن يري ضرورة لذلك، كأن يجد أعداءنا قد استرقوا أسرانا، وأنت تعلم أن القانون الدولي يقر مبدأ التعامل بالمثل فيما يتعلق بالأسري.
وكان من الإجحاف أن ينسخ هذا السلاح (الاسترقاق الناتج عن الحرب) نسخاً شاملاً، مع استعمال الأعداء له، وشعورهم بالسعادة لكونهم وحدهم الذين يملكون هذا السلاح.
[مصير حكم الاسترقاق اليوم:]
لا يزال ضرب الرق على أسري الحرب إلي اليوم، حكماً شرعياً من أحكام الإمامة، أي أن الإمام يرى في ذلك رأيه، بناءً على المصلحة العامة للمسلمين.
غير أنه منذ حين بعيد، أبعد هذا الحكم عن التنفيذ، وذلك لعدم وجود مصلحة تدعو إلي ذلك، ولأن دول العالم اتفقت فيما بينها على عدم استرقاق الأسري، فكان في هذا الاتفاق ما أبعد المصلحة الإسلامية عن ضرب الرق عليهم.
واعلم أن أحكام السياسة الشرعية المتعلقة بأبواب الجهاد أشبه ما يكون بما يسمي بأحكام الطوارئ، فكما يجوز لرئيس الدولة أن يعلق القانون، ويعلن حالة الطوارئ، ويقرر ما يشاء تحت هذا العنوان، فكذلك يجوز لإمام المسلمين أن يمارس صلاحيات معينة، وضعها الشارع تحت يده ليستفيد منها عند الضرورة