للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الإجماع:

فقد اجمع فقهاء المسلمين في جميع العصور على استحباب الهبة بكل أنواعها لأنها من باب التعاون، والله تعالى يقول: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى} (المائدة٢).

الهبة للأقارب:

وإذا كانت الهبة مشروعة ومندوباً إليها، مطلقاً، فهي للأقارب أشد استحباباً وأكثر ندباً وأفضل ثواباً وأجراً، لما يكون فيها - إلى جانب البّر والتعاون - من صلة الرحم. وقد حثّنا الله تعالى في كتابه على صلة الرحم فقال سبحانه: {وَاتَّقُواْ اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ} (النساء١) أي اتقوا الأرحام من أن تقطعوها.

وكذلك فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ قال: " من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فليصل رحمه " (أخرجه البخاري في البيوع، باب: من أحب البسط في الرزق، رقم: ١٩٦١. ومسلم في البر والصلة والآداب، باب: صلة الرحم وتحريم قطيعتها، رقم: ٢٥٥٧).

[يُبسط له: يوسَّع عليه ويبارك له فيه. ينسأ له في أثره: يطيل الله عمره ويؤخر له فيه].

[المكافأة على الهبة]

ويستحب لمن وهب له شيء أن يكافئ الواهب على هبته إن تيسر له ذلك، اقتداءً برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقد روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبل الهدية ويثبت عليها (أخرجه البخاري في الهبة، باب: المكافأة في الهبة، رقم: ٢٤٤٥)

[حكمة مشروعيتها]

يهدف الإسلام لإقامة المجتمع المثالي المتكامل، الذي يقوم على أساس من المحبة والوّد، والصلة والقرْب. ولذا يشرع كل ما من شأنه أن يقوّي روابط القرب بين الأفراد، ويحقق التوادد والألفة بين الناس. والهبة من الوسائل الناجعة التي تحقق هذا المعنى، لما فيها من تعبير عن الإكرام والودّ والاحترام. والإنسان مفطور على حب من أكرمه وأحسن إليه، واظهر له ودّه واحترامه.

<<  <  ج: ص:  >  >>