للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نحوه في طريقها؛ لا يضمن صاحبها ما أتلفت، إذ لا مجال لإسناد أي تقصير إليه.

بخلاف ما لو أرسلها ليلاً فأتلفت شيئاً؛ فإنه لتقصيره في إرسالها في وقت غير صالح لذلك.

وتحقيقاً لهذا الفرق قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ـ فيما رواه أبو داود [٣٥٧٠] وغيره ـ على أهل الحوائط "أي البساتين" حفظ بساتينهم بالنهار، وعلى أهل المواشي ما أصابت ماشيتهم بالليل.

ذلك لأن العرف جار على حفظ الزر وع ونحوها نهاراً، وحفظ الأنعام ليلاً، فلو اختلف العرف اختلف الحكم تبعاً له.

[القاعدة المستخلصة للمسؤولية وعدمها:]

نستخلص من الأمثلة السابقة القاعدة المعتمدة التالية:

أ - تناط المسؤولية بمن باشر إحداث ضرر بالغير، أو تسبب لما ينتهي بإحداث ضرر بالغير قصداً أو بغير قصد، وهي إما أن تكون مسؤولية عدوان أو مسؤولية تقصير.

ب - لا تناط المسؤولية بالمتسبب غير المباشر، إذا انقطعت فاعلية تسببه، لتدخل عنصر أجنبي، كأن حفر رجل بئراً في الطريق، فألقى آخر بنفسه فيها متعمداً، فلا يضمن الحافر، لأن تسببه قد انقطع أثره بتدخل هذا الذي ألقي بنفسه في البئر عمداً. وكأن ترك رجل دابته أمام زرع بدون أن يوثقها، فجاء آخر فنخسها فجمحت فأتلفت بذلك شيئاً، فإن المسؤولية تزول عن صاحبها المتسبب، لانتساخ تسببه ذاك بفعل هذا الأجنبي.

جـ - لا تحمل المسؤولية لأحد في ضرر نجم عن قوة قاهرة لا يستطيع الإنسان دفعها، كمثال موت الدابة، وموت سائق السيارة، وكما لو وضع حجراً في مكان آمن، فأقبل سيل داهم جرف الحجر من مكانه، وألقي به حيث أتلف شيئاً، إذ لا مجال لتصور التقصير في ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>